آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

الحصاد الأخير لمشكلة إدلب

اليمن اليوم-

الحصاد الأخير لمشكلة إدلب

بقلم - مكرم محمد أحمد


بإذاعة تفاصيل الاتفاق الذى تم بين الرئيس الروسى بوتين والرئيس التركى رجب طيب أردوغان حول محافظة إدلب السورية، آخر قلاع المتمردين التى تضم جبهة النصرة وفلول المعارضة المسلحة فى سائر أنحاء سوريا الذين هزموا فى غوطة دمشق ودرعا على حدود الأردن ودير الزور، وسلموا أسلحتهم الثقيلة وارتضوا الخروج الآمن إلى إدلب انتظارا لأجل جاء أوانه بإضاعة تفاصيل هذا الاتفاق، بات واضحاً التزام تركيا سحب جميع الأسلحة الثقيلة والدبابات وقاذفات الصواريخ المتعددة وسائر أنواع المدفعية التى تملكها جماعات المعارضة المسلحة من داخل المنطقة العازلة بحلول 10 أكتوبر المقبل، وطرد جميع الجماعات الإرهابية خارج حدود سوريا بحلول 15 أكتوبر، على أن تستعيد الدولة السورية سيطرتها على جميع الأماكن ومحاور الطرق الرئيسية بحلول نهاية عام 2018، إضافة إلى ضمان حرية الحركة لجميع السكان المحليين فى إدلب، واستعادة الصلات التجارية بين إدلب وسائر الدولة السورية، بما يعنى أن إدلب التى كانت تضم 20 جماعة مسلحة سوف تكون نظيفة تماماً من مجموعات الإرهاب.

والواضح أن الاتفاق المنفرد بين الرئيس الروسى بوتين والرئيس التركى أردوغان يشكل قيداً على جميع الأطراف الأكثر تطرفاً وأبرزها الولايات المتحدة وإيران، لأن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها طهران لا تسمح لها بتثبيت نفسها فى إدلب فى مواجهة تركيا وموسكو اللتين تعهدتا علناً بتحدى العقوبات الأمريكية على إيران، أما الولايات المتحدة فلم يعد لديها مبرر يُذكر للقيام بأى شىء يتعلق بإدلب سوى أن تدعم الموقف التركى، وتقبل بالاتفاق الروسى التركى الذى أوقف الهجوم الشامل على إدلب الذى ربما يكون ذريعة للتدخل الأمريكى بدعوى استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية وأيا كانت ملاحظات البعض على الاتفاق، فالواضح أن الاتفاق يُخلص سوريا من الجماعات المتطرفة والأسلحة الثقيلة التى يملكها المتمردون.

وإذا كان البعض يرى أن الاتفاق التركى الروسى الذى يضم عشرة بنود يُشكل تراجعاً روسيا، لأنه حقق لأردوغان مطلبه بوقف العملية العسكرية فى إدلب، وتجنب حدوث نزوح سكانى جديد من إدلب إلى تركيا، فإن الاتفاق على الناحية الأخرى ألزم تركيا جدولا زمنيا لإخلاء المنطقة العازلة من التنظيمات الإرهابية ونزع أسلحتها الثقيلة فى هذه المنطقة بعمق يصل إلى 20 كيلو متراً على طول خط الجبهة فى مدة أقصاها منتصف الشهر المقبل، كما أن الاتفاق يرسم طريق تحرير ما تبقى من إدلب وعودة سيطرة الدولة السورية على شبكة الطرق الدولية التى تربط دمشق بإدلب ويضع تركيا أردوغان أمام استحقاق العمل على إخراج جبهة النصرة القوة الأساسية فى إدلب خارج سوريا، وإذا فشل أردوغان فى الوفاء بالتزاماته فإن ذلك يعنى العودة مرة أخرى إلى سيناريو العملية العسكرية باعتبارها الخيار الوحيد المتبقى للقضاء على هذه التنظيمات وتطهير إدلب من الإرهاب، مع فارق أساسى يتمثل فى أن تركيا سوف تكون مُلزمة بالتعاون وتغطية هذه العملية العسكرية بعد أن أعطت الفرصة لتجريب خيار حل الأزمة سلمياً، بما يعنى أنه فى كلا الحالتين حالة نجاح تركيا فى تنفيذ الاتفاق سلماً، أو حالة فشلها فى ذلك واللجوء إلى العملية العسكرية، فإن عملية تحرير إدلب بدأت بالفعل من لحظة توقيع الاتفاق بجداوله الزمنية الواضحة.

وثمة من يرون أن اتفاق الرئيسين بوتين وأردوغان قطع الطريق على فرص الولايات المتحدة التى كانت تؤهل نفسها للتدخل بحجة استخدام الرئيس بشار الأسد الأسلحة الكيماوية فور بدء العملية العسكرية الشاملة فى إدلب، وأفسد الكمين الأمريكى لتعطيل القضاء على الإرهابيين، وأوكل مهمة التخلص من جبهة النصرة وحلفائها إلى تركيا، التى ترى أن مصلحتها فى الظروف الراهنة تكمن فى الحفاظ على علاقة جيدة مع موسكو لا سيما بعد الحرب التجارية التى يشنها الرئيس الأمريكى على تركيا، وأدت إلى انهيار الليرة التركية، لكن ما من شك فى أن التغيرات التى طرأت على موازين القوى داخل سوريا بهزيمة المعارضة السورية المسلحة فى درعا وغوطة دمشق ودير الزور شكلت العامل الحاسم الذى ألزم الرئيس التركى أردوغان الاتفاق مع الرئيس الروسى بوتين على مسار تحرير إدلب من الإرهابيين دون عملية عسكرية شاملة تهدد أمن ثلاثة ملايين مدنى يسكنون مدينة إدلب يمكن أن يزحفوا تجاه حدود تركيا، وجعلته يؤثر التعاون مع الروس بدلاً من الأمريكيين وقللت عدد الأطراف الدولية التى تتدخل فى الأزمة السورية خاصة طهران التى لم تعد تملك سوى الموافقة على الاتفاق الروسى التركى كما ألزمت الجميع الاعتراف بوحدة الدولة والأراضى السورية، لكن الأخطر والأهم أن مشكلة إدلب عززت وضع روسيا كقوة عظمى شرق المتوسط وهمشت دور الولايات المتحدة وإيران فى سوريا وجعلت أنقرة شريكة موسكو الأقرب فى الصراع السورى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحصاد الأخير لمشكلة إدلب الحصاد الأخير لمشكلة إدلب



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:33 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

اطلالات متنوعة من وحي الفاشينيستا ماريا عليا

GMT 12:24 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

اجتماع للحكومه اليمنية للوقوف على الأوضاع الراهنة في تعز

GMT 22:05 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

بعد غياب 15 عاما.. جورج وسوف يحيى حفلا ضخما بالقاهرة 24 فبراير

GMT 05:46 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

المصممة الجزائرية نبيلة شيباح تعرض مجموعتها لعام 2017

GMT 14:30 2018 السبت ,12 أيار / مايو

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

GMT 15:53 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

5 أشياء عليك معرفتها قبل السفر لقضاء إجازتك

GMT 09:03 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تصنيف جديد يكشف عن جواز السفر الأفضل على مستوى العالم
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen