آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

حديث عن الوعى!

اليمن اليوم-

حديث عن الوعى

بقلم - عبد المنعم سعيد

فى خطابه أمام الندوة التثقيفية التاسعة والعشرين للقوات المسلحة، وبمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة، فتح الرئيس عبدالفتاح السيسى ملفاً جديداً لم يسبق لأى من رؤساء مصر السابقين أن تعرضوا له. فلم يحدث أن الرئيس جمال عبدالناصر وجد أن هناك معضلة ما تتعلق بوعى المصريين، سواء كان مزيفا أو صادقا، بل كان هناك اعتقاد جازم بأن «الشعب» له ملكات خاصة فى التعامل مع التحديات المختلفة، وفى الميثاق الوطنى الذى بات واحدا من وثائق الدولة الأساسية، فإنه وقع عليه أن «يلقن طلائعه الثورية أسرار آماله الكبرى».

كان هناك نوع من «الإلهام» ينتقل من الجماهير إلى القيادة، لا يقول فقط بالآمال والأحلام وإنما أيضا بكيفية تحقيقها اعتمادا على تلك الذخيرة الكبيرة من الملايين التى تقول إن الجموع جاهزة للبناء بقدر ما هى مستعدة للمعارك. كان كل ذلك مناسبا تماما للمرحلة الثورية التى كانت تعيشها مصر خلال الخمسينيات والستينيات حتى جاء الوقت الذى باتت فيه الآمال أكثر واقعية، والأحلام أقل طموحا، وبات الحشد الشعبى أكثر تواضعا.

لم يكن الرئيس السادات يتحدث كثيرا عن «الشعب» وإنما عن محركاته التى رآها فى العلم والإيمان والانفتاح على العالم والتعلم من الأمم التى سبقتنا، وكما فعل فى الحرب مع إسرائيل عندما جعل النصر ممكنا من خلال أهداف محددة لحرب محدودة تفتح أبواب السلام واستعادة الأرض المحتلة من غاصبيها.

الرئيس مبارك كان مستسلما لما رآه من وعى المصريين، وبشكل ما تعامل معه كما لو كان نوعا من القدر المحتوم والقضاء النافذ، وكان الدرس الذى أخذه من مظاهرات الخبز عام ١٩٧٧ أن الإصلاح سوف يكون له ثمن على حساب الدولة. وعندما جمع المثقفين وأساتذة الاقتصاد فى مؤتمر للإنقاذ فى مطلع حكمه، وجد أن جوهر التوصيات أن تبقى الأمور على ما هى عليه، أو تعود إلى ما كانت عليه. وعندما بدأ فى الإصلاح فى العقد الأخير من حكمه، قامت الثورة التى بدأها الشباب للتغيير، وانتهت إلى أن أخذها الإخوان إلى الخلف.

الرئيس السيسى فتح ملف «الوعى» باعتباره واحدا من أهم أعمدة النهضة القائمة على الإصلاح التى لا يمكنها أن تقوم ما لم يعرف الشعب على سبيل المثال أولا أن لكل أمر ثمنا. «لا غذاء بالمجان» لم يكن أبدا مثلا مصريا، رغم أنه جزء أصيل من ثقافة ووعى الشعوب المتقدمة، ورغم الوله المصرى بما يراه فى دول الشمال من حيث المظهر والمخبر، فإن الذائع لديه أيضا هو أن ما يراه يخص أمما أخرى. المدهش فى الأمر أن الطائفة من الشعب المنوط بهم قضية «الوعى» مثل المثقفين والإعلام ومن شاركوا فى العملية التعليمية على مدى العقود الماضية، فإنهم نادرا ما قدموا لثقافة العمل، وفكر الاجتهاد.

كان كافيا فى كثير من الأحيان كثرة الحديث عن الفقر والفقراء، والناس الغلابة، ولكن كانت الندرة فى الحديث عن «الثروة» التى تغير الحال وتصلح الأوضاع. بشكل ما فإن الحديث المصرى كان يغلب عليه تياران: الأول يرى فى مصر من جغرافيا ومن تاريخ ما يجعلها أعظم الأمم التى تجعل كل أمم الدنيا تتآمر عليها؛ والثانى جعل من الضعف والهوان صناعة قومية نتيجة مؤامرات ما أنزل الله بها من سلطان. «المؤامرة» فى الأول والآخر، هى نوع أو آخر من «الشعوذة» الإنسانية التى تعفى الإنسان والشعب من المسؤولية، فما هى إلا أمور غامضة تجرى فى السر، تجلياتها مرعبة، وفى العادة فإنه ما باليد حيلة.

الوعى له علاقة وثيقة بالمسؤولية والعقل والعلم والمعرفة فى عمومها وكل ما يجعل المواطن قادرا على التحليل والتعرف على الأسباب والقدرة على تحقيق تراكم الطاقة والقيمة. هو الطريق الذى يجعلنا نعرف كيف نبدأ، ومتى ننتهى، ونتجنب المخاطرة وننتهز الفرصة، وما بينهما نعرف الكثير عن الزمن الذى فيه نقلد ونبتكر وما بين هذا وذاك ننتظر. الوعى من ناحية أخرى مسولية القادة والنخبة أو باختصار كل من له قدر ودور فى اتخاذ القرار، بما فيها المؤسسات التى تنشر الوعى لا عن طريق المزايدة أو المناقصة، وإنما عن طريق المناقشة والحوار، والإيمان بأنه لكل أمر أوجه، ولكل مسافة صبر، ولكل قول حكمة. هل آن الأوان أخيرا لكى نفتح فى كتاب مصر فصلا هاما عن الوعى؟!.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث عن الوعى حديث عن الوعى



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 22:39 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 00:00 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:44 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة وصاخبة في حياتك العاطفية

GMT 04:08 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انخفاض أسعار السيارات الكهربائية خلال العامين المقبلين

GMT 02:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

هويدا ابنة صباح تدخل في مرحلة خطيرة من اليأس

GMT 17:20 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

جوارديولا يُزاحم برشلونة على صفقة جديدة

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,24 آب / أغسطس

10 زيوت عطرية لا بد أن تتوفر دائماً في منزلك

GMT 20:10 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

علاج البروستاتا بالأعشاب

GMT 04:27 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجمة سيلينا غوميز تتألق في مطار لوس أنجلوس
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen