آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

مصر وبن سلمان.. المصالح أولا

اليمن اليوم-

مصر وبن سلمان المصالح أولا

بقلم - عماد الدين حسين

الكلمات التالية حديث فى المصالح، وقد لا تعجب الكثير من الناس.
يهمس البعض أو يجهر بأن الدولة المصرية كان ينبغى عليها أن تتخذ موقفا من زيارة ولى العهد السعودى محمد بن سلمان يوم الإثنين الماضى، ضمن جولة بدأت بالإمارات ثم البحرين مرورا بمصر وبعدها تونس، نهاية بالأرجنتين لحضور قمة دول العشرين.
وجهة نظر هؤلاء أن جريمة قتل الكاتب الصحفى جمال خاشقجى بصورة بشعة داخل قنصلية بلاده فى إسطنبول فى الثانى من أكتوبر الماضى، والتداعيات التى نتجت عنها، كانت تحتم على مصر أن ترفض أو تتريث فى استقبال ولى العهد السعودى فى هذا التوقيت تحديدا.
يستشهد هؤلاء بمظاهرات الرفض الغاضبة التى اجتاحت تونس قبل وخلال الزيارة، والدعوى التى رفعتها رابطة الصحفيين التونسية للمطالبة بالتحقيق الدولى مع ولى العهد السعودى على خلفية الجريمة وحرب اليمن.
أولا أحترم كل أصحاب هذه الأفكار والدعوات وأدافع عن حقهم فى إبداء رأيهم، وكنت أتمنى أن يتاح لهم التعبير عن رأيهم بصورة سلمية حضارية حتى لو اختلفت معهم فى الوسائل، لكن فى المقابل أؤمن بمنطق «إذا كان للدولة ضروراتها فإن للشعوب خياراتها».
السؤال المنطقى هو إذا كانت تونس التى تلعب فيها حركة النهضة الإخوانية، دورا أساسيا فى المشهد السياسى، قررت استقبال ولى العهد السعودى، فما الذى كان مطلوبا أن تفعله مصر؟!.
مرة أخرى جريمة قتل خاشقجى بربرية وغير مسبوقة فى العصر الحديث، وينبغى إدانتها بأشد العبارات الموجودة بكل قواميس اللغة، لكن نحن اليوم نتحدث عن المصالح العليا لمصر.
يسأل البعض طوال الوقت: هل ينبغى على الحكومات أن تنفذ على الأرض، ما يطالب به الرأى العام أو جزء منه، وهل طريقة تفكير الحكومات تشبه طريقة الأفراد، من جهة النواحى الأخلاقية والمثالية؟!.
من وجهة نظرى فمن الأفضل أن تتطابق سياسات الحكومات مع تطلعات وتوجهات الرأى العام.
السؤال الثانى وماذا لو كان الرأى العام منقسما بشأن قضية ما، ثم وهذا هو الأهم: وماذا لو كانت الاستجابة للرأى العام أو بعضه فى لحظة زمنية معينة ضارة جدا بالمصالح الوطنية العليا لهذا البلد؟!.
لهذا ربما يكون الموقف الأمريكى والأوروبى من قضية خاشقجى يقدم لنا أفضل إجابة للسؤال عن الحالة المصرية.
فى أمريكا فإن الكونجرس والمخابرات المركزية الأمريكية وغالبية وسائل الإعلام المؤثرة، ومعهم قطاعات واسعة من مراكز البحث والرأى العام، كلهم تكتلوا وطلبوا من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن يربط محمد بن سلمان بجريمة خاشقجى ويعمل على إخراجه من منصبه.
ترامب رد على كل هؤلاء بأن مصالح بلاده هى الأهم، وأن العالم ملىء بالأشرار، ورغم ذلك فإن العلاقات مع السعودية توفر مئات آلاف فرص العمل للأمريكيين، وأن الصفقات الاقتصادية والعسكرية الراهنة تصل إلى ٤٥٠ مليار دولار، وأنه لو قرر الاستجابة لمطالب الكونجرس ووسائل الإعلام، فإن السعودية ستوقع هذه الصفقات مع دول أخرى خصوصا الصين وروسيا.
نفس الموقف الأمريكى اتخذته الصين وروسيا والعديد من الدول الأوروبية المؤثرة مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وكل هؤلاء اكتفوا بتوقيع عقوبات فقط على الموقوفين السعوديين على ذمة القضية.
نعود إلى السؤال الرئيسى، فى ظل كل هذا، ما الذى كان مطلوبا أن تفعله مصر الرسمية؟!
العلاقات المصرية السعودية متشعبة ومتداخلة فى كل المجالات، والاستثمارات السعودية فى مصر هى الأعلى عربيا والثانية عالميا بـ٢٧ مليار دولار، و٢٩٠٠ مشروع واستثمارات مصرية بالمليارات فى المملكة، وتبادل تجارى بنحو 6.5 مليار دولار سنويا، وودائع سعودية فى البنوك المصرية ومناطق تجارة حرة فى سيناء، ولا ننسى نحو 2 مليون مصرى يعملون فى السعودية يساهمون بالجزء الأكبر من تحويلات المصريين بالخارج، وهناك اتفاق منذ ثلاث سنوات تقوم بموجبه المملكة بتزويد مصر بمواد بترولية بقيمة ٥٠٠ مليون دولار شهريا بتسهيلات غير مسبوقة، إضافة بالطبع إلى التنسيق السياسى بين البلدين فيما يتعلق بالملفات الإقليمية وبالأخص فى ليبيا وسوريا واليمن والقضية الفلسطينية.
الموقف المصرى من قضية خاشقجى كان واضحا بإدانة الجريمة، وفى الوقت نفسه منع استخدامها كأداة سياسية للحصول على أثمان أخرى بعيدة عنها.
بعد كل ذلك أسجل كل التقدير والاحترام للأصوات الغاضبة، طالما أنها تدافع عن مبادئ إنسانية، لكن وفى تقديرى الشخصى، فإن الدولة المصرية تصرفت بصورة صحيحة شعارها المصالح الوطنية أولا.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وبن سلمان المصالح أولا مصر وبن سلمان المصالح أولا



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 13:37 2017 السبت ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طيار يخطب فتاة على متن رحلة الخطوط الملكية الأردنية

GMT 05:15 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جنيفر لورانس مثيرة في فستان بتوقيع ألكسندر ماكوين

GMT 01:57 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الدكتور مجدي بدران يكشف سبب إصابة الأطفال بـ "الربو"

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 06:42 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

عرض أضخم خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 05:00 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل جديدة عن دور غادة عبد الرازق في "الكارما"

GMT 21:51 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبطال "مسرح مصر" في "آثار جانبية" الجمعة على "إم بي سي مصر"

GMT 23:04 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تحرير الشام تستعيد قرى من النظام في ريف حلب

GMT 05:46 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عشاق جوان ديدون يتوجونها على عرش الموضة رغم السن

GMT 04:07 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

"مرسيدس" تتحدى كل منافسيها بسيارتها الكابورليه

GMT 09:40 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فندق فارالدا كرين- أمستردام من أميز وأغرب فنادق أوروبا
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen