آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

إردوغان في مواجهة ترمب

اليمن اليوم-

إردوغان في مواجهة ترمب

بقلم :عبد الرحمن الراشد

لم تقف دولة ضد الولايات المتحدة إلا وخسرت، وإن طال الزمن. هذه حقيقة في معظم الحالات، وأقوى أسلحة الأميركيين ليست عسكرية بل اقتصادية. وتركيا ليست أقوى من ألمانيا ولا الصين، البلدين اللذين فضلا عدم مواجهة إدارة ترمب، واختارا التفاوض وتقديم تنازلات، والابتعاد عن التصعيد والحرب الكلامية. ما هي المشكلة؟ واشنطن تتوقع جملة مطالب من تركيا، أهمها وقف المتاجرة مع إيران، وأقلها شأناً إطلاق سراح قِس أميركي تتهمه تركيا بالتجسس.

في حصار إيران، هناك ثلاث دول رئيسية مجتمعة أو منفردة يمكن أن تلعب دور الموازن للنظام في طهران، باكستان وتركيا والسعودية. الثلاث ترتبط بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة، إلا أن تركيا هي الممر الرئيسي للتجارة الإيرانية. وتركيا دولة مهمة في المنظومة الغربية، الدولة الإسلامية الوحيدة في حلف الناتو ومهمة في أي مواجهة مقبلة مع روسيا مع تصاعد الخلاف الروسي الأميركي وربما عودة الحرب الباردة. ترمب يريد من تركيا إما أن تلعب دورها الطبيعي كحليف أو لا. لن تقبل واشنطن من تركيا أن تشتري أسلحة دفاعية استراتيجية من روسيا، والانفتاح تجارياً على إيران وفي نفس الوقت تجلس معها في حلف الناتو وتعتبر نفسها دولة حليفة.

إنما للتأزم في العلاقات بين واشنطن وأنقرة حدود ضمن العلاقة الاستراتيجية بين العاصمتين. رغم الضجيج الذي صاحبها فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض «عقوبات» محدودة على تركيا، رمزية بهدف الضغط على الرئيس إردوغان. جمّد حسابات بنكية لوزيرين تركيين، وفرض رسوماً على سلعتين تركيتين فقط. طبعاً آثار هاتين الخطوتين هائلة على تركيا، خسفت بالليرة ودبَّ الذعر في سوقها، والسبب بالدرجة الأولى سياسي، حيث غلب التشاؤم على العلاقة ومستقبلها.

في واجهة الأزمة شيخ تركي وقس أميركي. إردوغان يتهم حكومة ترمب بأنها تعطي اللجوء لزعيم المعارضة، غولن، وهي معارضة قضي عليها في عمليات التصفية التي أعقبت محاولة الانقلاب. وترمب يربط رفع العقوبات بإطلاق سراح القس الأميركي المعتقل في تركيا. في نظري، لا غولن ولا القس المشكلة وإن كانا العذر المطروح في الإعلام. فالخلاف يتصاعد منذ فترة ويشمل قضايا مختلفة، من بينها الخلاف داخل سوريا، والعلاقة مع روسيا، وضد علاقة أنقرة القوية تجارياً مع إيران. وهذا السبب تحديداً قد يكون أخطر أسباب التأزيم مع ترمب الأكثر إصراراً على خنق إيران تجارياً، الأمر الذي لا يرضي تركيا الشريك التجاري الرئيسي للإيرانيين.

ترمب ليس متعجلاً ولا متهوراً رغم الأضرار الضخمة التي تسبب بها قراره مضاعفة الرسوم على صادرات تركيا من الحديد والألمونيوم. الحقيقة أن ترمب أظهر تقديراً خاصاً لإردوغان ضد رغبة السياسيين الأميركيين الآخرين. فقد تدخل وضغط على حكومة إسرائيل فأطلقت سراح سيدة تركية اتهمت بأنها كانت تمول حركة حماس، وأفرج عن حراس إردوغان الذين اتهموا بضرب المتظاهرين في واشنطن. وترمب كان من أول الرؤساء في العالم الذين هاتفوا إردوغان وهنؤوه بفوزه بالرئاسة. وهناك علاقة جيدة بين البلدين تبعد فرضية المؤامرة التي تحدث عنها إردوغان.

تركيا ليست دولة ثورية مثل إيران، وقيمة تركيا من اقتصادها وليس من حرسها الثوري ونشاطاتها الإرهابية مثل إيران. وقيمة تركيا أيضاً بسبب وجودها ضمن منظومة الغرب السياسية والعسكرية.

هل تجرؤ الحكومة التركية على المواجهة مع الولايات المتحدة؟ أمر مستبعد. فتركيا دولة تفاخر بأنها ناجحة اقتصاديا، واقتصادها يقوم على التجارة مع الغرب وليس مع إيران أو العرب. وتركيا لا تستطيع أن تتحدى العقوبات الاقتصادية على إيران، فقد فعلت ذلك في فترة رئاسة باراك أوباما، لكن إدارة ترمب أرسلت الكثير من التحذيرات إلى كل الدول المتعاملة مع إيران بأنها ستعاقبها. أيضاً، لا يستحق موضوع هامشي، مثل اعتقال القس، وسبق أن أطلق سراحه ووضع في منزل تحت الإقامة الجبرية في أزمير التركية، أن يكون سبباً في تخريب الاقتصاد التركي. ترمب يستخدم القس ورقة في لعبة الضغط، لأنه يعلم إن أطلقت تركيا سراحه فسيكون له الفضل وإن لم تطلق سراحه فسيستخدمه ورقة انتخابية لصالحه بأنه وقف إلى جانبه، ويعاقب تركيا على اعتقالها له. أما تركيا فإنها الخاسر على الجانبين، إذا تركت المشكلة مفتوحة.

المصدر : جريدة الشرق الأوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان في مواجهة ترمب إردوغان في مواجهة ترمب



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان

GMT 04:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي للدكتورة هدى خالد القضاة

GMT 12:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تبوك تحدد موعد التقديم الإلكتروني على برامج الماجستير

GMT 08:20 2016 الأحد ,26 حزيران / يونيو

محشي كوسا على الطريقة السورية

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح دواء جديد من القنب لعلاج الصرع عند الأطفال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen