آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

التحرش في بر مصر

اليمن اليوم-

التحرش في بر مصر

بقلم - مأمون فندي

التحرش الجنسي هو ذلك الجسر الرابط ما بين انحطاط الأخلاق في مجتمع ما (incivility)، وبين العنف بشكل عام بمعناه الواسع، بداية من العنف اللفظي إلى العنف المباشر وأذى الحسد. أكتب عن التحرش اليوم، لأن التحرش الجنسي كان العنوان الرئيس للصحف و«السوشيال ميديا» خلال الأسبوع الفائت في بر مصر، والسؤال اليوم كما طرحه سابقاً الدكتور جلال أمين «ماذا حدث للمصريين؟»، الذي يحاول فيه التنظير للتغيرات في حياة المصريين خلال الفترة من 1945 إلى 1995، التي أدت إلى تغيرات بنيوية في الشخصية المصرية.

ومن هنا يكون السؤال المصاحب: هل التحرش عرض لمرض أعمق كما سرطان يسري في جسد المجتمع يجب استئصاله؟ أم أنه أمر عارض سيختفي بسرعة؟ أم أنه ذلك الجسر الرابط ما بين العنف اللفظي الذي ساد ثقافة المصريين، والعنف الجسدي الذي يمارسه الأفراد والدولة معاً ضد الخصوم؟ظاهرة التحرش خلال الأسابيع الفائتة لم تكن مصرية فقط، بل شاهدنا أمثلة عليها في تونس، ونقلت لنا الأخبار قصة التحرش الجماعي بفتاة قاصر في المغرب شوه جسدها بوشوم بذيئة.

إذن الظاهرة ليست مقتصرة على مصر، بل ربما تعكس حالة من العنف بدأت تصبح ظاهرة في بلاد العرب تحتاج إلى نقاش يليق بحجم المشكلة. ومع ذلك يبقى السؤال في رأسي، هل نرى زيادة لافتة في نسب التحرش، أم أن الأمر كان موجوداً دائماً، والجديد هو زيادة في الكشف الصحافي المتمثّل في الإعلام الموازي على صفحات التواصل الاجتماعي؟لا أدعي إلماماً بالحالة المغربية أو التونسية، ولكن استخلاص بعض الملاحظات على الحالة المصرية قد يلقي الضوء على ملامح الظاهرة ودوافعها في بلدان أخرى.خلال الستين عاماً الماضية حدثت تغيرات كبرى في المجتمع المصري؛ أولها تغيير بنية النظام السياسي وانعكاساته على طبيعة المجتمع.ظني أن المجتمعات المغلقة سياسياً واجتماعياً تجعل من الحديث أمراً محرماً، أو فاضحاً، ففي الأنظمة الديكتاتورية يمارس الإنسان نوعين من الحياة، واحدة على المسرح الاجتماعي الذي يمثل فيها المواطن، وكأنه على خشبة مسرح، دور المواطن الصالح الكامل، والخالي من كل الأمراض السياسية والاجتماعية، ومتى ما عاد إلى خلوته لعن المجتمع والظروف التي وضعته على هذا الحال، وهذه الملاحظة لا تخص العالم العربي وحده، بل هي ظاهرة أوسع نظر لها الأستاذ بجامعة «ييل» الأميركية جيمس سي سكوت في كتابه الموسوم «أسلحة الضعفاء» (weapons of the weak).في المجتمعات التسلطية، كما يرى المؤلف، يكون العنف أفقياً، بمعنى أنه، ونتيجة عدم القدرة على الاحتجاج ضد النظام، يمارس الناس العنف تجاه بعضهم البعض بصور مختلفة، والتحرش الجنسي بالمرأة بصفتها الضلع الأضعف هو واحدة من تجليات عدم القدرة على مواجهة النظام.هناك علاقة بين ذكورة الرجل وبقائه تحت نظام تسلطي، إذ يحس برؤية فرويد على أنه فاقد لتلك الذكورة، لذلك يمارسها على المرأة بشكل عنيف لاستعادة ذكورة اجتماعية مفقودة سياسياً.

فكلما زاد عنف النظام ضد الرجل، يزداد بالتبعية عنف الرجل ضد المرأة للتأكيد على ذكورة تبدو محل شك.منذ الخمسينات والنظام السياسي يبني عمراناً سياسياً تتاح فيه الذكورة الاجتماعية، وإلغاؤها سياسياً، وإن كان مسموحاً بقدر ما من الذكورة السياسية، فهي موجهة إلى خارج الحدود في الحديث الذكوري عن الاستعمار، والمواجهة مع عدو بعيد، ويتجلى ذلك بوضوح في الأفلام السينمائية المصرية، وبهذا يمكننا القول: إن ظاهرة التحرش الجنسي ليست جديدة، ولا العنف ضد المرأة بجديد، ولكن الرغبة في السرد، ووجود وسائل للنشر غير تلك التي يتحكم فيها النظام المغلق هو الجديد في الأمر. وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحرش في بر مصر التحرش في بر مصر



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 05:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

نشاطات واعدة تسيطر عليك خلال الشهر

GMT 21:22 2016 السبت ,30 تموز / يوليو

فوائد الكرفس

GMT 17:35 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

حمام " الصالحين " يتمتع بخدمات صحية للمرضى في الجزائر

GMT 01:52 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

سُلاف فواخرجي توضح أسباب انسحابها من "باب الحارة"

GMT 11:09 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوثيون يتوعدون بإطلاق المزيد من الصواريخ نحو السعودية

GMT 01:02 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

رانيا يوسف تعلن عن خطوات أنيقة لاستقبال شهر رمضان

GMT 01:49 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تفصح أنّ الأطفال في سن الرشد يعانون من الاكتئاب

GMT 05:05 2016 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

حوض استحمام على شكل أرجوحة
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen