آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

أردوغان: طريق العظمة طريق الكذب

اليمن اليوم-

أردوغان طريق العظمة طريق الكذب

بقلم/ حازم صاغية

القائد القويّ هو ما يستهوي رجب طيّب أردوغان. إنّه مثاله وبطله. الاستفتاء الأخير الذي أجراه كان له غرض أوحد: أن يسبغ الشرعيّة على قوّته الفائضة. على تحوّله زعيماً لا ضوابط، داخليّة أو خارجيّة، على قوّته. أهداف هذه القوّة كانت ظهرت قبل الاستفتاء: تدجين الصحافة والقضاء والجامعة، وإسكات النقد الغربيّ لقمعه حقوق الإنسان، والتلويح باسترجاع حكم الموت. أيضاً، قبل الاستفتاء، أطيح تباعاً عبدالله غل وداوود أوغلو. في «حزب العدالة والتنمية» ودولته رقم واحد فحسب يتربّع فوق جماهير يراد تحويلها أصفاراً.

من يقدم على أفعال كهذه حاكم قويّ. السياسيّ البرلمانيّ ليس كذلك: إنّه يرعى حرّيّات الصحافة والقضاء والجامعة، ويحرص على فصل السلطات، ويرفض حكم الموت، ويهمّه توطيد العلاقة بالدول الديموقراطيّة حيث المصالح التجاريّة وحيث النموذج الأحسن للتقليد. السياسيّ البرلمانيّ يُضعف قوّته ويقيّدها بمحض إرادته. إنّه بلا «كرامة». مفهوم «الكرامة» عند الزعيم القويّ يقوم على التصادم مع تلك القيود وكسرها. مفهوم الكرامة عند السياسيّ البرلمانيّ يقوم على التوافق معها والتنازل لها.

السياسيّون البرلمانيّون في المنطقة ليسوا النماذج التي يقلّدها أردوغان. من هم هؤلاء؟ «عملاء» كنوري السعيد، و «فاسدون» كمصطفى النحّاس، و «انفصاليّون» كخالد العظم، و «انعزاليّون» ككميل شمعون... أمّا في تركيّا نفسها، فما من شيء مُغرٍ في عاديّة بولند أجاويد أو سليمان ديميريل. حتّى تورغوت أوزال يبقى سياسيّاً تقنيّ التكوين. المطلوب زعيم يطلع من القضاء والقدر.

همّ أردوغان ليس تمثيل المؤسّسات والتعبير عن الإرادة الشعبيّة. همّه تمثيل التاريخ. الشعب. الأمّة. المصير... هذه مقدّسات ينبغي أصلاً عدم تقييدها، لأنّ المقدّسات مطلقة ولا تُقيّد. الزعيم وحده يعرف كيف يُنطقها وكيف ينطق بلسانها.
أبطال أردوغان، ولو خالفهم في مسائل إيديولوجيّة أو سياسيّة، هم من عيار مصطفى كمال أتاتورك، نقيضه الشبيه، أو جمال عبد الناصر أو آية الله الخمينيّ، وفي أسوأ الأحوال من صنف فلاديمير بوتين. عظماء لا يحضرون في السياسة إلاّ كي ينحروا السياسة. يتذرّعون بالقصور المؤكّد في المؤسّسات كي يعطّلوا المؤسّسات. يستخدمون النقص الديموقراطيّ في البرلمانيّين كي يفرضوا العدم الديموقراطيّ.

تجربة طيّب أردوغان، بعد تجارب أخرى كثيرة في هذه المنطقة، تقوم على افتراض الحلّ الواحد والحاسم والناجز لمشكلات معقّدة يشهد حلّها بالضرورة تقدّماً وتراجعاً وانتكاسات وتسويات. «حكمة» الحلّ الواحد الحاسم والصائب الذي يرقى رفضه إلى خيانة، هي أمّ الاستبداد وأبوه. الزعيم التركيّ يعيد إلى تلك «الحكمة» رونقها الذي بدا في وقت سابق أنّها فقدته. تركيّا نفسها وأردوغان نفسه كانا قد وجّها طعنات نجلاء لحكم العسكر. لكنْ يبدو اليوم أنّ مقوّمات الاستبداد والحكم القويّ لا تزال قويّة وقادرة. ما كان ينقص هو أن تتعزّز الشعبويّة في العالم حتّى يتغلّب الطبع الأردوغانيّ على التطبّع، فيحصل في تركيّا ما حصل في الدول المجاورة لها. النهاية التي انتهت إليها الثورات العربيّة جاءت عنصر تعزيز آخر للوجهة هذه.

أن يصير أردوغان سلطاناً أو وليّاً فقيهاً أو قائداً ملهماً أو أباً للشعب لا يزال في حاجة إلى جهود قد لا تحتملها تركيّا، جهودٍ يقاومها اليوم مناضلون ونشطاء مدنيّون عافوا الآباء والأولياء والملهمين. والفارق كبير، بطبيعة الحال، بين الـ 99 في المئة الشهيرة للقادة الذين هم مثالات أردوغان، والـ 51 في المئة التي نالها هو. لكنّ برنامج الرئيس التركيّ، على ما يبدو، هو هذا بالضبط: أن يصير الشعب ماشية، وأن يصير الحاكم نصف إله. أن تسير تركيّا بالتدريج نحو الـ 99 في المئة أو ما يقاربها. وعلى الطريق إلى الهدف ستُكتشف «مؤامرات» كثيرة يقف وراءها شياطين وأوروبيّون وصليبيّون ونازيّون وأكراد وإرهابيّون من كلّ نوع. طريق الكذب هو الذي ستسلكه تركيّا أردوغان وصولاً إلى حتفها، أو إلى حتفه هو.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان طريق العظمة طريق الكذب أردوغان طريق العظمة طريق الكذب



GMT 03:41 2017 السبت ,18 آذار/ مارس

نحن والإسلاميّون حيال السياسة والسلطة

GMT 14:14 2017 السبت ,11 آذار/ مارس

الديموقراطيّة الليبراليّة في بلد واحد

GMT 06:20 2016 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

أين لا يقف أردوغان؟
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان

GMT 04:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي للدكتورة هدى خالد القضاة

GMT 12:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تبوك تحدد موعد التقديم الإلكتروني على برامج الماجستير

GMT 08:20 2016 الأحد ,26 حزيران / يونيو

محشي كوسا على الطريقة السورية

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح دواء جديد من القنب لعلاج الصرع عند الأطفال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen