آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

أي لبنان سينتصر

اليمن اليوم-

أي لبنان سينتصر

بقلم : خير الله خير الله

لماذا على لبنان دفع ثمن من يريد أن يكون البلد مجرد "ساحة". يفترض في السياسيين اللبنانيين الواعين لخطورة ما يمر به البلد الإجابة عن هذا السؤال الذي يكشف في طياته وجود من لا يزال يقاوم.

هناك لبنانان. لبنان الذي يريد أن يكون بلدا طبيعيا يهتمّ بأبنائه ولبنان الآخر أي لبنان “الساحة”. يستهدف الذين يعملون من أجل لبنان “الساحة” أن يكون البلد مجرد أرض تستخدم في خدمة مآرب لا علاقة لها بلبنان واللبنانيين، مآرب تهمّ تحديدا النظام الإيراني الذي يمتلك أجندة خاصة به.

ورث النظام الإيراني، الذي أسّس “حزب الله”، لبنان “الساحة” عن الفلسطينيين الذين اعتقدوا في مرحلة معيّنة أن لبنان منصة يمكن أن ينطلقوا منها لتحقيق أهداف سياسية. نجحوا في ذلك جزئيا على حساب لبنان واللبنانيين وعلى حساب أنفسهم في نهاية المطاف بعدما اكتشفوا متأخرين أنّهم كانوا، في أحسن الأحوال، أداة للنظام السوري لا أكثر ولا أقلّ.

ورث بعد ذلك الإيراني “الساحة” اللبنانية عن النظام السوري الذي اضطر إلى دفع ثمن جريمة اغتيال رفيق الحريري، التي نفّذها أو غطّاها، بالتواطؤ مع آخرين معروفين جيّدا.

دفع النظام السوري الثمن بالخروج العسكري والأمني من لبنان تمهيدا لليوم الذي سيخرج فيه من سوريا. وهذا ما سيحصل عاجلا أم آجلا بغض النظر عن الدعم الإسرائيلي العلني للعائلة الحاكمة هناك.

يفسّر وجود لبنانين، وليس لبنان الواحد، أسباب تأخير تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري تنكبّ على معالجة الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي يمرّ فيها البلد من جهة وحمايته من العواصف الإقليمية من جهة أخرى.

هناك مآرب سياسية تسعى إيران إلى تحقيقيها عبر تشكيل “حكومة العهد الأولى” وكأنه يوجد شيء، بعد اتفاق الطائف، اسمه “العهد”. بين المآرب السياسية لإيران ترجمة نتيجة الانتخابات النيابية الأخيرة عبر حكومة تابعة لـ”حزب الله” على غرار تلك الحكومة الفاشلة التي شكّلها نجيب ميقاتي في العام 2011.

تريد إيران هذه المرّة تحويل سعد الحريري إلى غطاء لحكومة تابعة لها وذلك من منطلق أنّها استطاعت امتلاك أكثرية داخل مجلس النوّاب. ليس كلام الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس″ في “الحرس الثوري” عن 74 نائبا موالين لإيران، من أصل 128 في المجلس الجديد، سوى دليل على رغبة في ترجمة ما تعتبره إيران حقيقة. إنّها في الواقع حقيقة مشكوك فيها إلى حدّ كبير، فضلا عن أنّها تكشف جهلا إيرانيا في لبنان وطبيعة تكوينه.

ولكن ما العمل، عندما تعتقد إيران أن لبنان “ساحة” وأن تشكيل الحكومة اللبنانية ورقة في يدها، تماما مثل تشكيل الحكومة العراقية. أيّدت إيران نتائج الانتخابات اللبنانية التي اعتبرت أنّها صبّت في مصلحتها من خلال قانون وضع خصيصا لتحقيق هذه الغاية.

رفضت إيران، في المقابل، نتائج الانتخابات العراقية بعد شعورها بأنّ هناك روحا وطنية عراقية، بما في ذلك في الأوساط الشيعية، تعمل من أجل التخلّص من الهيمنة التي تمارسها طهران على المجتمع العراقي وعلى الحياة السياسية والاقتصادية في بلد تحوّل بين ليلة وضحاها إلى بين الأكثر فسادا في العالم.

في لبنان، حيث تعمل إيران على متابعة الانقلاب الذي أخذ بعدا جديدا بعد التخلّص من رفيق الحريري في 2005 ثم بعد تحقيق انتصار على لبنان نفسه في حرب صيف عام 2006 ثم عن طريق الاعتصام في وسط بيروت لتعطيل الاقتصاد واستكمال مهمة تدمير البلد، بات لبنان في مرحلة حرجة بالفعل.

يمكن القول إن الانقلاب الذي كانت له محطات أخرى، من بينها سلسلة الاغتيالات التي بدأت بسمير قصير وانتهت بمحمد شطح، شمل غزوة لبيروت والجبل وضربا لكل مفاهيم اللعبة الديمقراطية عبر إغلاق مجلس النوّاب ومنعه من انتخاب رئيس للجمهورية. لم يعد لدى مجلس النواب من خيار آخر غير انتخاب مرشّح “حزب الله”… من أجل إنقاذ ما بقي من الجمهورية.

يحاول لبنان “الساحة” الانتصار على لبنان. مطلوب حاليا تكريس طريقة جديدة في تشكيل الحكومة. مطلوب بكلّ بساطة أن يكون رئيس مجلس الوزراء مجرّد صورة لا أكثر. مطلوب بكلّ وضوح أن تعكس الحكومة وجود أكثرية في مجلس النواب. هذا معناه أنّ من يقرّر في داخل هذه الحكومة هو تلك الأكثرية التي تحدّث عنها قاسم سليماني ولم يجد سوى قلّة تردّ عليه وتضع النقاط على الحروف.

لماذا على لبنان دفع ثمن من يريد أن يكون البلد مجرّد “ساحة”. يفترض في السياسيين اللبنانيين الواعين لخطورة ما يمرّ به البلد الإجابة عن هذا السؤال الذي يكشف في طياته وجود من لا يزال يقاوم.

من يقاوم هذه الأيّام هو سعد الحريري الذي يعمل من أجل حكومة “وفاقية” تكون عنوانا للمساعدات التي أقرها مؤتمر “سيدر”. يفترض في مثل هذه الحكومة أن تضمّ وزراء معقولين ومقبولين من المواطن العادي الذي يعرف تماما ما هو على المحكّ. ما على المحكّ العمل على فرض نظام جديد تريده إيران للبلد. نظام يعزله عن محيطه العربي لا يعود فيه للرئيس الوزراء المكلّف دور محوري في تشكيل الحكومة.

يصعب أن تكون السنة 2018 تتويجا لسلسلة الانقلابات التي بدأت باغتيال رفيق الحريري. في الواقع، بدأت هذه الانقلابات بالتمديد لإميل لحود، رئيس الجمهورية وقتذاك، على الرغم من صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ثمّة فارق كبير، فارق بين السماء والأرض، بين لبنان الطبيعي ولبنان “الساحة”. لبنان “الساحة” ورقة تستخدمها إيران لتمرير سياساتها التي تشمل استخدام بيروت للتحايل على العقوبات الأميركية التي ستزداد وطأتها. مثل هذا التحايل الإيراني عن طريق لبنان لن يخدم اللبنانيين، بل سيلحق ضررا بهم وبكل المؤسسات المالية في البلد.

لبنان “الساحة” قاعدة في خدمة الميليشيات المذهبية التابعة لإيران في المنطقة، بما في ذلك ميليشيا الحوثي في اليمن. للبنان “الساحة” استخدامات كثيرة لا تفيد أي منها لبنان واللبنانيين. لذلك، لا وجود سوى لخيار وحيد.

يتمثل هذا الخيار في مقاومة المشروع التوسّعي الإيراني الذي يسعى إلى شق طريقه عبر تغيير قواعد لعبة تشكيل الحكومة اللبنانية. الأكيد أنّ الأكثرية اللبنانية لن تقبل بذلك بعدما صارت مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء عنوانا للمحافظة على الطائف وعلى المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، بدل المثالثة بين الشيعة والسنّة والمسيحيين، وعلى التوازن في البلد وممرّا للمساعدات الخارجية في حال جاءت يوما.

ما هو مطروح حاليا في لبنان يتجاوز مسألة تشكيل حكومة. المطروح بكلّ بساطة أن يكون لبنان أو ألاّ يكون. وحدها حكومة وفاقية لا تلغي أحدا تحظى بثقة المجتمع الدولي تصلح للمرحلة الراهنة. مثل هذه الحكومة تستطيع أن تثبت أنّ البلد لم يستسلم بعد وأنّ تركيبة المجلس النيابي ليست كما يتصورّها قاسم سليماني وغيره من الذين يعتقدون أنّ لبنان صار دويلة في دولة “حزب الله”.

 نعم. هناك لبنانان. أي لبنان سينتصر؟ لبنان ثقافة الحياة أم لبنان ثقافة الموت؟ الكثير سيتوقف على ما إذا كان “حزب الله” سينجح في فرض حكومته على غرار ما فعله في العام 2011.

المصدر : جريدة العرب

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أي لبنان سينتصر أي لبنان سينتصر



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 16:15 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

شقيقة الفنان الراحل رشدي أباظة تتحدث عن حياته في "مساء الفن"

GMT 22:50 2016 الخميس ,11 آب / أغسطس

الألوان الزيتية والمائية

GMT 09:48 2016 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أفضل الملابس المتماشية مع رحلات الكريسماس

GMT 18:53 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

أحمد خليفة مديرًا فنيًا لمنتخب الجودو للمرة الثانية

GMT 17:20 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أسطورة "ليفربول" الإنجليزي جيمي كاراغر يُشيد بثنائي "تشيلسي"

GMT 22:40 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

فيلم the nun حديث مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 05:50 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

نمران صغيران يقتلان حارسًا في حديقة حيوان في الهند

GMT 06:13 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

إليك أفضل المتاجر الخاصة لمُحبّي هدايا عيد الميلاد

GMT 23:00 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

مشجعو ريال مدريد يختارون أفضل 6 لاعبين في تاريخ النادي

GMT 18:45 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

طرق إزالة بقع الدم عن الملابس بخطوات بسيطة

GMT 06:56 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

السعودية تعلن فرض رسومًا إضافية على العمالة الأجنبية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen