آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

لماذا قمّة جدّة ليست حدثا عابرا

اليمن اليوم-

لماذا قمّة جدّة ليست حدثا عابرا

بقلم - خير الله خير الله

لم تكن قمة جدة التي أسفرت عن توقيع اتفاق سلام إثيوبي-إريتري، برعاية سعودية، مجرد حدث عابر.

إنها دليل على وجود نية في الذهاب بعيدا في إقامة شبكة أمنية متكاملة تحمي مصالح دول المنطقة.اتفاق السلام جاء تتمة للمصالحة بين البلدين بعد قطيعةقبل أربع سنوات، يوم الواحد والعشرين من أيلول-سبتمبر 2014، دخلت الأزمة اليمنية مرحلة جديدة مختلفة كليا عن كلّ ما سبقها. يومذاك، سيطر الحوثيون (أنصار الله) على صنعاء بغية بلوغ هدف واضح ذي شقين.

يتمثّل هذا الهدف في تحقيق طموحات الحوثيين الذين أرادوا إقامة نظام جديد على أنقاض “ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962” من جهة، وتحويل اليمن إلى قاعدة إيرانية في المنطقة من جهة أخرى.

بعد أربع سنوات على سقوط صنعاء، وفي وقت احتدمت معركة الحديدة بأبعادها الإستراتيجية، نجد أنّه كان هناك استيعاب خليجي لخطورة الحدث الصنعاني، الذي صار عمره أربع سنوات، ولأبعاده.دقّ الاحتلال الإيراني، عبر “أنصار الله” لصنعاء جرس الإنذار في الخليج العربي كلّه.

هناك استيعاب لخطورة الحدث ليس على الصعيد اليمني فحسب، بل على صعيد المنطقة كلّها أيضا. وهذا ما يفسّر جانبا كبيرا من التحرّك العربي في اتجاه إقامة شبكة أمنية متكاملة في المنطقة تحمي دولها وتشمل الدول المطلة على البحر الأحمر، خصوصا دول القرن الأفريقي.توّج هذا التحرّك الخليجي بالقمة التي انعقدت في جدّة برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل أيّام قليلة.

شهدت القمّة، التي كانت “حدثا تاريخيا” باعتراف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، توقيع اتفاق سلام بين الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي الذي يمتلك عقلا متطورا بالفعل.جاء اتفاق السلام تتمة للمصالحة بين البلدين بعد قطيعة، ذات طابع عبثي، استمرّت عشرين عاما. 

دفع في اتجاه تلك المصالحة، أي في اتجاه العودة إلى لغة المنطق، الشيخ محمد بن زايد، وليّ العهد في أبوظبي، الذي لعب دورا محوريا في ترتيب اللقاء الذي انعقد بين أفورقي وآبي أحمد علي في أسمرة في تموز-يوليو الماضي تمهيدا للقمة الثلاثية التي انعقدت في أبوظبي لاحقا استعدادا للقاء جدّة برعاية العاهل السعودي.قبل السيطرة الكاملة للحوثيين على صنعاء، كان علي عبدالله صالح، الذي عاد إلى العاصمة اليمنية من رحلة علاج طويلة في المملكة العربية السعودية، أوّل من تنبّه إلى خطورة وضع “أنصار الله” يدهم على المدينة، وما سيترتب على ذلك. قبل أيّام من بلوغهم العاصمة التي زحفوا إليها عبر محافظة عمران، بعث الرئيس اليمني الراحل الذي اغتاله الحوثيون في الرابع من كانون الأوّل- ديسمبر 2017 برسالة إلى الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي. دعاه في الرسالة التي نقلها أربعة من قياديي “المؤتمر الشعبي العام”، هم يحيى الراعي وعارف الزوكا وسلطان البركاني وياسر عواضي، ما زال ثلاثة منهم أحياء يرزقون، إلى التصدي لـ”أنصار الله” في عمران. رفض عبدربّه الذي كان يسيطر على الجيش اليمني سيطرة شبه تامة النصيحة رفضا كلّيا.

اعتبر أنّ تصفية حسابات قديمة بين علي عبدالله صالح والحوثيين ليست من مهمّاته. كشفت الأحداث أن منطق الرئيس الانتقالي لم يكن منطقا سليما، وأن المسألة لم تكن مسألة حسابات شخصية لعلي عبدالله صالح فقط. كانت لدى الرجل الذي حكم اليمن ثلاثة وثلاثين عاما حسابات مرتبطة بما سيفعله الحوثيون في مرحلة لاحقة. كان هدفهم اليمن كلّه، وليس الشمال وحده.

لا يمكن الفصل بين اليمن والمشروع الإيراني الذي واجهته “عاصفة الحزم” ابتداء من آذار-مارس 2015، أي بعد ستة أشهر من استيلاء الحوثيين على صنعاء وإعلان زعيمهم عبدالملك الحوثي عن قيام نظام جديد يستعيد النظام الإمامي ولكن بغطاء إيراني. بالنسبة إليه، حلّت “ثورة 21 سبتمبر” مكان “ثورة 26 سبتمبر” التي أعلنت الجمهورية.

باشر الحوثيون كتابة التاريخ الجديد لليمن. هل هذا ممكن في بلد لا يحتاج بأي شكل إلى شعارات متخلّفة من نوع “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، بمقدار ما يحتاج إلى برامج تكافح الفقر والجوع والمرض والأمّية… وتعيد الأمل بحياة أفضل للمواطن العادي؟لم يكن ممكنا مواجهة الانقلاب الذي نفّذه “أنصار الله” الذين انطلقوا في اتجاه عدن كما سيطروا على ميناء المخا بنية امتلاك القدرة على إغلاق مضيق باب المندب من زاوية يمنية ضيّقة.

لذلك، كان مطلوبا عدم الاكتفاء باستعادة عدن والمخا من “أنصار الله”، بل الاتجاه نحو الحديدة. في موازاة ذلك، كان لا بدّ من ترتيب الأوضاع في كلّ المنطقة المحيطة باليمن الذي يمتلك شاطئا يبلغ طوله نحو 2500 كيلومتر

.ليست عملية إعادة ترتيب العلاقات بين إريتريا وإثيوبيا سوى خطوة مهمّة بين خطوات أخرى تصبّ في اتجاه بناء منظومة أمنية متكاملة تغطي كلّ طرق الملاحة في المنطقة ومحيطها. ما قامت به المملكة العربية السعودية عبر قمة جدّة، ذات الأهمّية الاستثنائية، يشكّل أساسا لسياسة جديدة تقوم على أخذ المبادرة في التصدي لإيران ولمشروعها التوسّعي.

قبل كلّ شيء، تفتح المصالحة بين إريتريا وإثيوبيا الأبواب أمام تعاون مع جيبوتي وإعادة ترتيب أوضاع الصومال. لا يمكن لخطوات من هذا النوع إلا أن تنعكس إيجابا على انخراط السودان، بشماله وجنوبه، في إطار حماية الأمن الإقليمي. في مرحلة لاحقة لا يمكن لمصر إلا أن تكون شريكا في كلّ هذه الترتيبات التي يمكن أن تستفيد منها الدولة العربية الأكبر على غير صعيد.من بين ما يمكن أن تستفيد منه مصر مزيد من التنسيق مع السودان وإثيوبيا في تقاسم مياه النيل بشكل لا يضرّ أي دولة من الدول التي يمرّ فيها هذا النهر الذي يشكل شريان الحياة لها. فوق ذلك، ثمة مصلحة لمصر في إقامة أفضل العلاقات مع دول القرن الأفريقي لأسباب مرتبطة بالملاحة في قناة السويس.

أمن البحر الأحمر جزء لا يتجزّأ من الأمن المصري لا أكثر ولا أقلّ.في ضوء كل هذه المعطيات، لم تكن قمة جدة التي أسفرت عن توقيع اتفاق سلام إثيوبي-إريتري، برعاية سعودية، مجرّد حدث عابر. إنها دليل على وجود نية في الذهاب بعيدا في إقامة شبكة أمنية متكاملة تحمي مصالح دول المنطقة.

مثل هذه الشبكة الممتدة من بحر العرب إلى خليج عدن إلى البحر الأحمر، في حاجة إلى إنهاء معركة الحديدة في أسرع ما يمكن. فكلّما مرّ يوم، يتبيّن كم أن الحديدة مهمّة لإيران والحوثيين من نواح عدّة. من بين هذه النواحي القدرة على استخدام الميناء من أجل اعتراض سفن أو ناقلات في البحر الأحمر. 

يحدث كلّ ذلك في وقت تسعى إيران إلى امتلاك أكبر عدد من الأوراق، التي تعتبرها أوراق ضغط، تستطيع استخدامها في الردّ على الدفعة الثانية من العقوبات الأميركية الجديدة التي تمسّ بتصدير النفط ابتداء من الأسبوع الأول من تشرين الثاني-نوفمبر المقبل!

المصدر : جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا قمّة جدّة ليست حدثا عابرا لماذا قمّة جدّة ليست حدثا عابرا



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان

GMT 04:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي للدكتورة هدى خالد القضاة

GMT 12:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تبوك تحدد موعد التقديم الإلكتروني على برامج الماجستير

GMT 08:20 2016 الأحد ,26 حزيران / يونيو

محشي كوسا على الطريقة السورية

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح دواء جديد من القنب لعلاج الصرع عند الأطفال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen