آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

رهان إيراني على شلل إدارة ترامب

اليمن اليوم-

رهان إيراني على شلل إدارة ترامب

بقلم : خير الله خير الله

يمكن للنظام الإيراني أن يستفيد هذه الأيّام من احتمال تعرّض دونالد ترامب لمشاكل داخلية، خصوصا بعد قبول محاميه السابق مايكل كوهين أن يكون "مذنبا" في قضية مرفوعة ضده مرتبطة بالتهرب من دفع الضرائب.

يعطي إعلان إيران عن إنتاج طائرة حربية جديدة فكرة عن مدى الإفلاس الإيراني. تبيّن أن الطائرة من طراز “أف- 5″ أميركية الصنع من بقايا السلاح الذي استورده الشاه من الولايات المتحدة في سبعينات القرن الماضي. كانت المملكة العربية السعودية تمتلك عددا لا بأس به من هذه الطائرات. أهدت سربا منها لليمن الشمالي في عهد علي عبدالله صالح في العام 1979 عندما دخل في تلك السنة، بعد عام فقط على توليه الرئاسة، في مواجهة مع اليمن الجنوبي الذي كان مدعوما إلى أبعد حدود من الاتحاد السوفياتي. بل كان اليمن الجنوبي في تلك المرحلة مجرّد موطئ قدم لموسكو في شبه الجزيرة العربية.

يعطي الإعلان عن تطوير إيران لمثل هذه الطائرة واعتبار أنّها طائرة حديثة فكرة عن حال الانفصام التي يعيشها النظام في طهران مع اقتراب السنة الأربعين لقيامه على أنقاض ما كان يمكن أن يكون دولة حديثة من بين الأكثر تطورا بين دول العالم الثالث. حال دون استمرار تلك الدولة تردّد محمّد رضا بهلوي الذي أمضى السنوات الخمس الأخيرة من حكمه يعاني من مرض السرطان الذي ما لبث أن انتصر عليه بعد خروجه إلى المنفى.

مثل هذه الطائرة ليست سلاحا إيرانيا حديثا يمكن استخدامه في أي مواجهة مع الولايات المتحدة. مثل هذه الطائرة ليست سوى خدعة تستخدم للاستهلاك الداخلي في إيران وإقناع بعض الجهلة، وما أكثر هؤلاء، بأنّ هناك مجالا لإقامة توازن استراتيجي مع الولايات المتحدة. مثل هذا التوازن ليس واردا في أيّ وقت وفي أيّ ظروف. ليس لدى النظام في إيران ما يقدّمه في مجال التكنولوجيا المتطورة. لديه القدرة على الإيذاء، إيذاء الإيرانيين ودول الجوار ودول المنطقة، من جهة والقدرة على الاستفادة من الغباء الأميركي من جهة أخرى.

يمكن للنظام الإيراني أن يستفيد هذه الأيّام من احتمال تعرّض دونالد ترامب لمشاكل داخلية، خصوصا بعد قبول محاميه السابق مايكل كوهين أن يكون “مذنبا” في قضية مرفوعة ضده مرتبطة بالتهرب من دفع الضرائب. مثل هذه القضية يمكن أن تكون مرتبطة بترامب نفسه الذي استطاع إلى الآن تحصين نفسه في مواجهة كلّ الحملات التي تعرّض لها، بما في ذلك الدعم الروسي في حملته الرئاسية التي كان يواجه فيها هيلاري كلينتون.

 ليس سرّا أن الرئيس فلاديمير بوتين كان يفضّل دونالد ترامب على هيلاري التي ارتكبت خطأ التحريض عليه في الداخل الروسي. لدى بوتين رعب من التحريض على قيام تظاهرات كبيرة في المدن الروسية سيجد أنّ عليه قمعها بالقوّة. لديه هاجس سقوط جدار برلين عندما كان ضابطا في الاستخبارات شاهد بنفسه كيف استطاع جمهور كبير تغيير التاريخ بمجرد تحطيمه الجدار الذي كان يفصل بين الشرق والغرب في تلك المدينة. كان ذلك إيذانا بانتهاء الحرب الباردة وبدء العدّ العكسي لتفكّك الاتحاد السوفياتي.

يمكن لإيران الإفلات من دونالد ترامب في حال اشتد الخناق عليه في الداخل الأميركي، خصوصا بعدما بدأ القضاء الأميركي يلاحق أيضا أحد مساعديه المباشرين السابقين بول مانافورت المتورط في قضايا مرتبطة بإخفاء ملايين الدولارات بغية التهرّب من الضرائب.

إذا لم يلحق ضرر بترامب بسبب قضيتي كوهين ومانافورت، لن تقدّم الطائرة التي أعلن الرئيس حسن روحاني عن إنتاجها تحت اسم “كوثر” أو تؤخر. ما سيقدم أو يؤخر هو المأزق الذي سيجد ترامب نفسه فيه بسبب محاميه السابق ومساعده السابق مانافورت الذي لعب دورا كبيرا في إيصاله إلى الرئاسة.

متى عرضنا الموقف الأميركي من إيران منذ وصول آية الله الخميني إلى طهران في شباط – فبراير 1979 وحتّى قبل ذلك، نجد أنّ التواطؤ كان السمة التي ميّزت تصرفات كل الإدارات الأميركية مع إيران. في البداية كان عهد جيمي كارتر الذي سكت عن احتجاز إيران ديبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران طوال 444 يوما.

 كشف كارتر الضعف الأميركي الذي شجع إيران على الذهاب بعيدا في تحديها لأميركا وصولا إلى المشاركة الفعّالة مع إدارة جورج بوش الابن في تغيير التوازن الإقليمي بعد التخلص من نظام صدّام حسين، الغبيّ الآخر الذي قاوم إيران ونظامها بين 1980 و1988 وانتهى ألعوبة في يدها بعد ارتكاب جريمة احتلال الكويت في العام 1990.

هناك للمرّة الأولى منذ 1979 إدارة أميركية تعرف تماما ما هو النظام الإيراني. تختلف هذه الإدارة كلّيا مع إدارة باراك أوباما التي تغاضت كليا عن نشاطات إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفي كلّ مكان تعمل فيه إيران من اجل إثارة الغرائز المذهبية.

تكمن أهمّية إدارة ترامب في أنّها لا تتغاضى عن النشاط الخارجي لإيران ولا عن تطوير صواريخ باليستية تطلق حاليا من اليمن في اتجاه المملكة العربية السعودية. فوق ذلك كلّه، بدا أنّ هناك فهما أميركيا لما هو على المحكّ في العراق حيث تحاول إيران فرض حكومة موالية لها وربّما إعادة نوري المالكي إلى موقع رئيس الوزراء.

ليست قوّة إيران في السلاح الذي تصنعه. معروف مصدر معظم ّ ما تملكه من تكنولوجيا، بما في ذلك تكنولوجيا الصواريخ. هذا المصدر هو كوريا الشمالية ولا أحد غيرها. لم تتخذ الولايات المتحدة في أيّ يوم قرارا بالدخول في مواجهة مع إيران قبل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. أكثر من ذلك، فتح ترامب كلّ ملفات إيران المرتبطة بالإرهاب. بدأ بالكلام عن احتجاز ديبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران ووصل إلى نشاطات إيران في العراق ولبنان وسوريا مرورا بتفجير السفارة الأميركية في بيروت في العام 1983 وتفجير قاعدة المارينز قرب مطار العاصمة اللبنانية في تلك السنة أيضا.

هل يحصل التغيير الكبير في واشنطن ويدخل الرئيس الأميركي في دوامة مشاكل داخلية سيكون صعبا عليه الخروج منها. يمكن لهذه المشاكل، خصوصا أنّ مانافورت كان في مرحلة معيّنة مدير الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي، أن تشلّ الإدارة كلّيا.

استطاعت إيران اختراق كل الإدارات الأميركية منذ 1979. حققت انتصارا تاريخيا على العراق في العام 2003 بفضل جورج بوش الابن الذي لم يدرك معنى سقوط هذا البلد العربي وانعكاس ذلك على التوازن التاريخي بين العرب والفرس في الشرق الأوسط.

ليس الخوف من إيران بسبب طائرة “كوثر” التي تضحك أكثر مما تبكي. الخوف من شلل في واشنطن تستطيع طهران الاستفادة منه إلى أبعد حدود، على غرار استفادتها من إدارة باراك أوباما.

مثل هذا الشلل سيجعل إدارة دونالد ترامب أشبه ببطة عرجاء لفترة طويلة على الرغم من كل الجهود التي بذلها الفريق المحيط بالرئيس الأميركي لبناء سياسة متماسكة تضع حدّا للمشروع التوسّعي الإيراني الذي لا همّ له سوى تفتيت كل دولة من الدول العربية في المنطقة خدمة لمشروع توسّعي يريد الظهور في مظهر القادر على إنتاج طائرات تنافس الطائرات الأميركية، طائرات تخلت عنها المملكة العربية السعودية قبل أربعين عاما!

المصدر : جريدة العرب

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رهان إيراني على شلل إدارة ترامب رهان إيراني على شلل إدارة ترامب



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان

GMT 04:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي للدكتورة هدى خالد القضاة

GMT 12:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تبوك تحدد موعد التقديم الإلكتروني على برامج الماجستير

GMT 08:20 2016 الأحد ,26 حزيران / يونيو

محشي كوسا على الطريقة السورية

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح دواء جديد من القنب لعلاج الصرع عند الأطفال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen