آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية!

اليمن اليوم-

أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية

بقلم : حسن البطل

بهندسة وراثية عكسية ـ ارتدادية، يُقال إنهم في سبيلهم لاستعادة شذى الزهور والورود. صارت الورود مشرئبة الساق، منزوعة الرائحة.. وخسرت شذاها.

دعكم من الخلط اللغوي بين الزهرة والوردة، كما في الكلمات المتقاطعة (الوردة وردة والزهرة قد تعقد ثمرة). نحن لا تخلط خياشيمنا بين وردة طبيعية وأخرى صناعية، وإن زاغت حاسة البصر لدينا أحياناً.

«وجدتها.. وجدتها» (أوريكا.. أوريكا) كما قال أرخميدس، أو قالت لي حاسة الشم في خيشومي. على حافة بحرية ـ برية في شاطئ تونسي، بين منتجع فندق سلوى (الفلسطيني آنذاك) ومنتجعات السوّاح ومرابعهم، التقطت حاسة الشم عندي رائحة فوّاحة قادتني، كالكلب السلوقي، إلى كشة نبات ملتفة، كأنها شعر هذه «الميدوزا» الأسطورية الإغريقية.. لكن بدل الأفاعي كانت سيقانها القميئة ليست رؤوس الحبات، بل ورودا متعددة الألوان الزاهية من زهور القرنفل (قلت زهوراً وليس وروداً).

الورود؟ قالت لي (راء): «شكراً على الوردة الجورية»، اقتطفتها من شجيرة ورد على حافة الرصيف في رام الله.. وليس لها إلاّ اسمها، وأما رائحة الوردة الجورية الشامية، فذاكرتها تعشعش في خيشومي.. وكذا مربى أوراقها تحت لساني!

«جورية» في الشام وفي الأندلس «وردة الشام» .. وأخيراً، استوردت دمشق ـ الشام بعض شجيرات أندلسية، أصيلة وأصلية، من «الجورية»، ربما من حدائق قصر الحمراء.. وأعادتها إلى بلادها الأصلية، دونما تأصيل وراثي.

البندورة

تبدأ حبة البندورة من نوارة زهرة صفراء كعيون النمر المفترس، لكن ماذا؟ أين راحت رائحتها ونكهتها؟ لمّا كنّا صغاراً في الغوطة لمشوار أو سيران، كان نسيم طفيف من الريح يشدّ حاسّة الشمّ في خياشيمنا إلى رائحة أوراق البندورة. نقطف الثمرة ونفغمها فغماً بأسناننا، دونما حاجة إلى رشّة ملح، ودون إحساس حاسة الذوق بقشرة البندورة التي صارت ذات طعم يشبه طعم الجلد!

فاكهة في مسمّى خضار صارت سيّدة الموائد في نطاق العالم، لكنها خسرت الرائحة والنكهة معاً. لا بأس من ضمة ورد بلا شذى الورد على مائدة الطعام، لكن متى يعيدون لإحدى هدايا العالم الجديد إلى العالم القديم طعمها الأصلي القديم: رائحة في الخيشوم ونكهة في الفم!

نارنج !


البرتقالة سيّدة الحمضيات، ونطاقها الأصلي هو النطاق المتوسطي، كما الزيتونة المباركة خاصة، وثمرة الليمون الحامض هي أولى نائبات سلالة الأم في السيادة.. لكن هناك ضربا من ثمار الحمضيات يسمّى النارنج.

كان في بيتنا البيروتي القديم ثلاث أو أربع من شجيرات التاريخ. عيبها الوحيد في مذاقها الحاد بما يُبعدها عن كل صنف من صنوف الذائقة المستساغة، لكن امتيازها الفريد هو شذى رائحتها الفوّاح، بعد اقتطاف زهورها وتقطيرها في زجاجات من الزجاج.. وقطرة أو قطرتان من رحيقها في فنجان قهوة تجعل نكهة القهوة لا مثيل لها، عدا عن «تنكيه» صنوف عدة من الحلويات!


حلويات؟ آه.. نعم، يمكن تقشير ثمرة النارنج ونزع عباءتها الصفراء، ثم غلي اللبّ الأبيض بالماء والسكر، لتغدو نوعاً لا مثيل له من المربّى، إضافة إلى الفائدة الطبية التي لا تُنازع لصحة القلب، أكثر من بقية الحمضيات.

هل تصدقون؟ قد تحمل زجاجة العطر الباريسي بقايا رائحته وقتاً، لكن زجاجات مقطّر النارنج تبقى سنة وسنوات بعد فراغها من ماء النارنج.

«الهوا» ؟

ليس ما أقصد هو الريح، بل نبات متسلق يتكئ على الحيط، ويسمّونه في لبنان «هوا».. وفي موعد محسوب على ساعة وميقات الفصول الطبيعية «ينوّر» هذا النبات، ويطرح في الجوّ شذىً غريباً يشبه شذى «ماء الرجل» ـ ماء الحياة.

يقولون إن خيشوم الأنثى حساس للروائح أكثر من خيشوم الخنشار (الرجل)، ولهذا ربما لا يحب الرجل رائحة «ماء الحياة» يراق في الأرحام» بينما تحبّ الإناث رائحة نبات «الهوا» التي يفوح عطرها في شهر أيار، المسمّى، أيضاً، شهر «نوّار».

أهي صدفة؟ في كفّ يدك خمس أصابع، ووضع الخالق الأعظم في جسدك خمس حواس. يُقال إن الإنسان البدئي زمن العيش في الغابات، كانت حاسة الشم وحاسة السمع لديه ناميتين، لأنه كان قريباً من رائحة الأرض.. ثم بقيت الحيوانات كالكلاب وغيرها تفوق ما لدى الإنسان من رهافة وقوة حاسة الشم والسمع.

البصيرة من البصر، وهذا نعمة الحواس الخمس، فإن أسقطت قطرة لون على دلو من الماء.. رأيت كيف يتغيّر لون الماء (قيل: الماء من لون الإناء!) في مجال آخر.

حقاً، تأتي الذاكرة البصرية، أولاً، لكن ألا يُقال: طعم نكهة البندورة الأصلية تحت أسناني، أو رائحة عطر النارنج في خيشومي.. كما يُقال شيء آخر عن بقية الحواس الخمس!

المصدر : جريدة الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية أصابع كف يدك وحواسك الخمس ودعك من حاسة سادسة حدسية



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان

GMT 04:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي للدكتورة هدى خالد القضاة

GMT 12:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تبوك تحدد موعد التقديم الإلكتروني على برامج الماجستير

GMT 08:20 2016 الأحد ,26 حزيران / يونيو

محشي كوسا على الطريقة السورية

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح دواء جديد من القنب لعلاج الصرع عند الأطفال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen