آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

تغريبة "الأمير الصغير"

اليمن اليوم-

تغريبة الأمير الصغير

بقلم : حسن البطل

هرب «الأمير الصغير» من مشاكل الأرض الكثيرة، فوجد مشاكلها موزعة على كل كويكب زاره. ما ان حطّ على احد الكويكبات، حتى انتهره ملك يقعي على عرش في «قطب» كويكبه، بينما تصل أطراف ثوبه القشيب «القطب» الآخر صرخ به الملك:   

- لا تدوسُ الرعية أطراف ثوب ملكها. قدّم واجب الطاعة أولاً، ثم قف كما تقف الرعية بين ايدي الملوك. كان الملك المتوحد على كويكبه الضئيل فخوراً في قرارة نفسه، فقد صار لديه رعية من مواطن واحد صغير، كان ملك الكويكب مشغولاً في عدّ كواكب قصية لامعة تبدو أصغر من عرشه.   

- « لماذا تعدها يا صاحب الجلالة « ؟ سأل «الأمير الصغير» بكل أدب.   

- لأنني ملك، والملوك يحكمون لأنهم يملكون، قال الملك الطاعن في السن.   

- ولكنني زرت بعض ما تدعوه «أملاكك» في طريقي الى مملكتك، انها اكبر كثيراً من كوكبك الذي لا يسع عرشك، ولديهم ملوكهم.. ورعاياهم، الذين لا يعلقون صورتك في بيوتهم. 

غادر «الأمير الصغير» الى كويكب أكبر قليلاً، وجد رجل أعمال واحداً لم يرد تحيته، فكان منصرفاً الى عدّ امواله، كرر التحية مرتين وثلاثاً، رفع المليونير رأسه في ريبة ورد التحية بهزة من رأسه.. وعاد الى عدّ امواله، ليرى كم يستطيع ان يشتري من كويكبات السماء اللامعة. 

على كوكب ثالث أكبر قليلاً من سابقيه صادف «الامير الصغير» رجلاً واحداً يحمل شعلة ويركض بين فانوسين، رد على التحية وهو يجري: يشعل الفانوس الاول، ويطفئ الثاني، لأن النهار والليل يتعاقبان بسرعة كبيرة على هذا الكويكب الصغير. 

غادر «الأمير الصغير» حزيناً كويكباً لا مجال لساكنه الأشيب الوحيد ليجد وقتاً ليتجاذب أطراف الحديث مع زائر لم يحظ بمثله منذ أن كان شاباً. 
  
 كما غادر كويكب المليونير، الذي لا يجد مكاناً لخزائن نقوده.   

 كما غادر كويكب الملك الذي لا يسع عدداً من الرعية قادراً على حمل عرش الملك من قطب الى قطب ليرى شروق الشمس وغروبها. 

بعد طول بحث عن كوكب صغير جداً للأمير الصغير، لا يوجد فيه ملوك، او رجال اعمال، او عمال لا ينامون لأنهم يضيئون الوقت ليطفئوه.   

 وصل «الأمير الصغير» الى كويكب خالٍ من البشر ومشاكلهم: ملوكاً، او متمولين، او كادحين للملوك والمتمولين، كان في الكويكب حمل واحد: أبيض وجميل، ووردة واحدة حمراء وصغيرة. يريد الخاروف ان يأكل الوردة ليسد رمقه والوردة تريد ان تنمو، وتملأ الكويكب.. صار الأمير الصغير وسيط خير بين حاجة الخاروف ليأكل ويعيش وحاجة الوردة لتنمو وتتكاثر، فيأتي النحل، ويصنع من رحيقها عسلاً فاخراً، يليق طعاماً بأمير صغير نبيل حامي الوردة من أسنان الخاروف.   

 فكّر «الأمير الصغير» أن عليه تنصيب نفسه ملكاً على كويكب الخاروف الأبيض والوردة الحمراء، وبذلك يصير غنياً من تصدير العسل الى كويكبات أُخرى، بعد ذلك عليه ان يعدّ أمواله، ويوظف عمالاً في مملكته لجناية العسل، وإطعام الحمل من ورق الورد.   

اكتشف «الأمير الصغير» انه اذا اراد خلق حالة سلام بين الحمل والوردة، فإن كويكبه سيتطور الى «كوكب - ارض صغير»، وستنمو جميع انواع المشاكل التي هرب منها الى الكويكبات البعيدة.

كان «الامير الصغير» هرب من كويكب الارض لأن الرجال «الثقات»، «العارفين ببواطن الامور» ضاقوا ذرعاً بأسئلته الساذجة، مثل: هل توجد افاع ضخمة قادرة حقاً على ابتلاع خاروف، فقالوا له ساخرين: توجد افاع عملاقة تبتلع فيلاً، تصوّر كيف تبدو افعى الـ BOA القادرة على ابتلاع الفيل، وعندما اراهم رسمته، قالوا له: هذه قبعة وليست الأفعى التي يسع جوفها فيلاً ضخماً... وضحكوا منه في أكمامهم: ولد طيب وساذج! 

قبل 40 عاماً قرأت بالفرنسية على مقاعد المدرسة «الأمير الصغير» Le Petit Prince لانطوان - دوسان اكسبري الذي وضع كتابين آخرين: «طيران الليل» و «بريد الجنوب».. وقد تاه فعلاً هو وطائرته المفقودة، يقال: لو عاش هذا الطيار - الأديب - الفيلسوف، لبزّ في الألمعية جان بول سارتر.   

 ليس ما سبق تلخيصاً لـ «رواية» صغيرة جداً، لكنه ما تبقى في ذهني من بعض خيوطها. جميل ان تعيد كتابة روايات الصبا كما يحلو لك. 

المصدر : جريدة الأيام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغريبة الأمير الصغير تغريبة الأمير الصغير



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان

GMT 04:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي للدكتورة هدى خالد القضاة

GMT 12:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تبوك تحدد موعد التقديم الإلكتروني على برامج الماجستير

GMT 08:20 2016 الأحد ,26 حزيران / يونيو

محشي كوسا على الطريقة السورية

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح دواء جديد من القنب لعلاج الصرع عند الأطفال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen