آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

«إلّاك حيفا» !

اليمن اليوم-

«إلّاك حيفا»

بقلم - حسن البطل

العنوان أعلاه كان «طاقية» لأحد أعمدتي الطازجة وقتها عن حيفا(ي). لا أرى غضاضة في استعارته لأسباب عدة: على حيط مطعم شعبي للمأكولات الفلسطينية في أم الشرايط، كتبوا أسماء مدن البلاد، وبخط أسمك مدن: حيفا ـ يافا ـ عكا. أهم مدن الساحل.
كانت لي زيارات «خطف الرجل» اليومية العديدة إلى أجمل المدن، بينها واحدة منها لا تُنسى، حيث استضافتنا «محامية الأرض» نائلة عطية في بيتها أعلى «حدبة» لسان الكرمل. وللبيت الجميل قصة: والدها اشترى بسعر أعلى دونمين بعد سقوط حيفا مما دفعه المستوطنون اليهود. بذا صار بيت نائلة، شفاها الله من مرضها الوبيل، أشبه ببقعة عربية مطوقة بإسكان يهودي!
ثمة سبب ثالث، وهو أنه في «تخاريب» صخور جبل الكرمل، توصلوا إلى اكتشاف ثالث حول عراقة الاستيطان البشري في الجبل وسفوحه. ما هو؟ من قبل كان أقدم تصنيع للجعة (البيرة) معروف عالمياً، يعود إلى 9500 سنة. الآن، بعد اكتشاف سرّ «التخاريب» في صخور جبل الكرمل، فقد كانت حيفا وكرملها سبقت ذلك قبل 15000 سنة.
حسب ظنّي أن علماء الاستيطان البشري قد لا يكتشفون مكاناً آخر أعرق. لماذا؟ حسبما قرأت ففي سفوح الجبل توصل الإنسان القديم إلى تدجين الشعير والقمح البري، ومن ثم زراعته وصناعة الخبز منه، وخبز القمح أشهر من خبز الذرة مثلاً.
ما نعرفه أن النساء هنّ من اخترعن الزراعة عن طريق التدجين والاستنباط، لأن الرجال كانوا يذهبون للصيد، والنساء كنّ في المغر لرعاية أطفالهن، ما عرفناه لاحقاً أنّ الرعاة في بلاد الغال (فرنسا) اكتشفوا طريقة أخرى في صناعة الجبن المعفّن (الأزرق) الذي صار من أطيب أنواع الجبن. أحد الرعاة كان تناول في مغارة رطبة ما جبنة وخبزاً.. حتى شبع وترك البقية، ولما عاد إليها في وقت آخر دفعته قرصة الجوع إلى تناول بعض الجبن القديم، فاستطابه، وصارت جبنة «روكفور» إحدى 300 نوع من الأجبان الفرنسية المطلوبة. جبنة الجنوب المتوسطي بيضاء والشمال الأوروبي صفراء.
في عودة إلى تدجين القمح والشعر البرّي، وهو نبتة خفيفة السمّية في الأصل، يبدو أن سفوح الكرمل، ومسقط رأسي طيرة الكرمل ـ طيرة حيفا في سطح الكرمل، أول حقول العالم في زراعة الشعير والقمح. لم تكن صناعة الجعة في بداياتها كالتي نعرفها اليوم، بل كانت في «تخاريب» الكرمل لزجة مثل الحساء.
الآن، صارت الجعة ثالث مشروب عالمي بعد الماء والشاي، وفي بلاد أخرى رابع مشروب بعد الماء والقهوة والشاي، حتى أن شرائع حمورابي في بلاد ما بين النهرين تتضمن تنظيم تجارة وبيع الجعة، التي صارت الجعة الألمانية أكثرها شهرة، بما فيها بيرة «بافارايا» التي تخلو من الكحول، وهي المطلوبة خاصة في الدول الإسلامية.
إلى اختراع تدجين نبتة الشعير والقمح، وأقدم الطرق لصناعة الجعة، هناك شيء أنثروبولوجي تمتاز به بلادنا العريقة ـ العتيقة، وخاصة في سفوح الكرمل.
حسبما قرأت، فإن أجناس الكائن البشري تطوّرت بالاصطفاء إلى سيادة الإنسان العاقل ـ المنتصب (هومو سابين) وانقراض تدريجي لإنسان النياندرتال. في غير مكان تنافس النوعان واصطرعا، لكن في فلسطين تعايشا بسلام، إلى أن ساد إنسان هومو سابين المنتصب على إنسان النياندرتال. لماذا؟
كان الثاني غير منتصب القامة، بل له قامة محنية أقل انحناء قليلاً من سلاح الصيد في قبائل أستراليا قبل الإنسان الأبيض، المعروف بـ «بوميرانغ»، ومن ثم؟
كان الإنسان المنتصب يستطيع أن يواقع نساء الإنسان النياندرتال ونساء جيشه على السواء، بينما لا يستطيع هذا إنسان النياندرتال الاّ مع نساء جنسه.. هكذا، صارت الغلبة لإنسان الهومو سابين بالتكاثر، حتى زال إنسان نياندرتال.
المهم في تدجين الشعير والقمح، ثم في صناعة الجعة، أنها سبقت في الأقدمية صيرورتها بلاد الديانات التوحيدية الثلاث، وأن الشعار الصهيوني عن البلاد: «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض» كذبة وقحة أقرب إلى النكتة!
حيفاوي ولد قبل النكبة بعامين، ويزور البلاد بجنسية سويدية، استذكر قولاً: من يتحدث عن جمال مدينة فيينا أو مدينة باريس، يبدو أنه لم يزر مدينة حيفا، أجمل مدن المعمورة طرّاً. ليست أقدم من دمشق وحلب وأريحا، لكنها الأجمل.. خاصة في قلوب وعيون الفلسطينيين والمنكوبين منهم بخاصة! 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إلّاك حيفا» «إلّاك حيفا»



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان

GMT 04:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي للدكتورة هدى خالد القضاة

GMT 12:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تبوك تحدد موعد التقديم الإلكتروني على برامج الماجستير

GMT 08:20 2016 الأحد ,26 حزيران / يونيو

محشي كوسا على الطريقة السورية

GMT 03:52 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح دواء جديد من القنب لعلاج الصرع عند الأطفال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen