آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

13 نيسان وسورية وسمير فرنجية

اليمن اليوم-

13 نيسان وسورية وسمير فرنجية

بقلم/وليد شقير

محطتان معبرتان رافقتا الذكرى الـ 42 لبداية الحرب الأهلية اللبنانية أمس. الأولى هي التأزم الذي بلغه المشهد السياسي نتيجة الخلافات على قانون الانتخاب، والتمديد لمجلس النواب، والتي وسمت تصاعد التعبئة السياسية وفي الشارع، بطابع طائفي، جرى استيعابه بتأجيل انعقاد البرلمان. أما الثانية فكانت تشييع المفكر والمناضل السياسي اللبناني سمير فرنجية الذي تميز بندرة طينته وخصاله، وشكل نموذجاً في سعيه إلى إنهاء الحرب عبر دوره في التحضير لاتفاق الطائف الذي أسدل الستار على فصول الحرب المدمرة، وإلى بناء مجتمع محصن حيال تكرارها.

اختبر اللبنانيون في الأيام الماضية كيف يمكن أن يطلق الخلاف السياسي العنان للتعبئة الطائفية ويذهب بالمواجهات إلى استنفار الغرائز حين وقفت أحزاب مسيحية ضد محاولة التمديد للبرلمان، مقابل استعداد الفرقاء المسلمين الأقوياء للسير بالتمديد، في لعبة التنافس على الأرجحية في السلطة، ولو استظلت تلك اللعبة شعارات براقة من نوع تجديد الطبقة السياسية وإحداث التغيير. هذه التعبئة دفعت سياسيين مخضرمين ومعتدلين، أمثال النائب بطرس حرب، عايشوا الحرب الأهلية ومراحلها، إلى التحذير من أن ما جرى أشبه بقيام المتاريس أيام الحرب عام 1975، فيما كبت كثر من القادة الذين خبروا كيف تقود الكلمة والشعارات البراقة إلى الانزلاق نحو التحريض والعنف، ردودهم وتعليقاتهم، كي لا يتكرر ما حصل معهم إبان الاقتتال الداخلي، ففضلوا تقديم لغة الحوار والانفتاح على غيرها. أدرك هؤلاء أن بعض من يقود الساحة لم يختبر ما اختبروه، وأن هذا البعض قليل الخبرة في شأن ما يمكن أن تقود إليه التعبئة الطائفية والتشاطر باللعب على الألفاظ والأفكار. وبالتالي من الأفضل الركون إلى اللعبة السياسية التي يحكمها الدستور، وإلى منطق الحلول الوسط، لترويض من يجنح بهم توسل التحريض نحو الاصطدام بالأبواب المقفلة.

أما تشييع سمير فرنجية، فعكس التقاء كل الأطياف حول شخصية تحولت رمزاً للسلم الأهلي، ليس لأنه من الذين صنعوا اتفاق الطائف بعيداً من الأضواء فحسب، ولأن تاريخه إبان الحرب شهد محاولات دائمة وجدية لوضع حد لها في محطات عدة، بل لأنه، بعد أن وضعت أوزارها، ظل يبشر بضرورة نشوء حياة سياسية مسالمة على قاعدة تنمية ثقافة القبول بالآخر والإفادة من التنوع الطائفي الذي يتحكم بالنظام اللبناني وبولاءات الناس، لعل لبنان ينتقل إلى مرحلة انتقالية تتيح تطوير نظامه بعيداً من العنف الطائفي ولو كلامياً.

في التأزم السياسي الذي شهده لبنان الأيام الماضية، بدا أن المواجهة الطائفية هي بين ما سمي الثنائي الشيعي («حزب الله» وحركة «أمل») من جهة، وبين الثنائي المسيحي، أي «التيار الوطني الحر» ومؤسسه الرئيس ميشال عون، و حزب «القوات اللبنانية» من جهة ثانية. والحال أن الطموح المسيحي لاستعادة موقع مختلف في السلطة أخذ يتبرم من سطوة «حزب الله» على مقدرات البلاد، فيما الحزب يحتاج إلى هذه السطوة لضمان التغطية اللازمة لدوره الإقليمي، لا سيما في سورية.

كان لسمير فرنجية نهج مختلف، فواقعية السياسي المجرب أنبأته بأن استقرار الحياة السياسية اللبنانية على معادلة تخفض من غلواء الطائفية فيه، يتطلب إبعاد الهيمنة السورية عنه، لأن الوصاية السورية على الحكم أذكت الصراع الداخلي لتثبيت تلك الهيمنة، التي باتت إيرانية بعد الانكفاء السوري، ضمن مشروع إقليمي مترامي الأهداف ومن بينها الإمساك بالقرار في بلاد الشام. وهذا يحتاج إلى إحكام القبضة على لبنان.

ولعل بعض من عايشوه يعرفون أنه تنبه باكراً إلى أن سورية ذاهبة نحو تمرد على النظام ونحو أزمة وحرب، وأن النظام فيها سيدمر البلد، وفق ما أسر إليه أصدقاء سوريون، وبعضهم من الذين احتفظوا بتلك العلاقة العائلية مع آل فرنجية منذ أواخر خمسينات القرن الماضي.

لم يكن سمير فرنجية بعيداً من المعادلة القائلة بأن لبنان لن يستقر قبل أن يرحل نظام الأسد، طالما أن الأخير يستعين في حربه على شعبه بـ «حزب الله»، الذي يفرض على لبنان أثمانا باهظة. بحدوث التغيير في سورية سيكون على الحزب أن يواجه تحدي التأقلم مع التوازنات الداخلية بدل الركون إلى التفوق الإقليمي.

لم يتسنّ لسمير فرنجية أن يختبر مدى استعداد الحزب الجدي للانفتاح على صيغة مختلفة عن الاحتفاظ بسلاحه، على رغم تلمسه أحياناً حاجة بعض قادته إلى التواصل، لكنه اختبر من قرب، بسبب انفتاحه هو على بيئات كثيرة، مدى التعب من الأثمان التي تدفعها بيئة الحزب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

13 نيسان وسورية وسمير فرنجية 13 نيسان وسورية وسمير فرنجية



GMT 00:29 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

الأمير «دال»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 03:17 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أبرز الأماكن السياحية التاريخية في مدينة بوردو

GMT 19:32 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

أكرم عفيف يحلم بالحصول على الألقاب مع السد القطري

GMT 04:19 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أجنة الرجال كبار السن تعاني من النمو البطيء

GMT 22:45 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 10:36 2016 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

حميد الشاعري يعود لوصاله عبر "خمسة وخميسة"

GMT 01:23 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الكشّف عن تفاصيل مُثيرة بشأن حادثة مقتل الأميرة ديانا

GMT 09:31 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيفروليه كامارو الرياضية بطلة جديدة وقوة أكبر

GMT 23:43 2016 الأربعاء ,08 حزيران / يونيو

التطريزات الهندية تعطي حقائب موسم صيف 2016 الجمال
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen