آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

رؤية عراقى فقد وطنه

اليمن اليوم-

رؤية عراقى فقد وطنه

بقلم - معتز بالله عبد الفتاح

كتب مواطن عراقى عن خبرته بعد أن استقر به الحال فى النرويج ما يلى:

قبل يومين، شعرت بالانتماء إلى النرويج والرغبة فى البقاء فيها والتعرف على طفلتى وهى تكبر تحت ثلجها ومطرها.

الشعور بالانتماء شىء غريب وهو شعور لم يتملكنى منذ سنوات طويلة حتى إننى لا أتذكر آخر مرة انتابنى فيها ولا أتذكر طعمه أو لونه لكنه هذه المرة كان عذباً جداً.

كنت قد دعوت جارنا الجديد مع زوجته إلى الغداء لكنه أخبرنى أن زوجته سافرت لزيارة والدها فقلت له إننا نتمنى قضاء الوقت معه والترفيه عنه فى وحدته، وجاء فى الموعد المحدد ثم وقفنا معاً لتحضير الطعام على النار فى الحديقة ودخلنا إلى البيت ثم أكلنا ونحن واقفون لأننا لم ننقل أثاث بيتنا بعد.

بعد حوار شيق عن الأشجار التى تحيط البيت وكيف تأتى السناجب وتتسلق إلى أعلى الشجرة لتجلس وتتمتع بضوء الشمس، قال جارنا إن هذا الشارع من الشوارع القديمة فى المدينة والبيت الذى اشتريناه أحدث البيوت رغم أنه بنى فى عام أربعة وستين.

سألته زوجتى عن أقدم بيت فى الشارع فقال «لماذا لا نقف فى الحديقة وسأخبركم عن تاريخ البيوت وساكنيها؟»، وحين نزلنا أشار إلى بيت أبيض وقال «هذا أقدم بيت ومن يسكنه اليوم رجل أكمل مائة عام وكان يعمل فى إدارة السكة الحديد وتقاعد وهو فى الستين من عمره وحين التقيته آخر مرة قال إنه سيكون حامل الرقم القياسى فى سنوات التقاعد لأنه متقاعد منذ أربعين عاماً. والبيت المقابل لبيتنا كان ملكا لرجل إطفاء وابنه هو الآخر رجل إطفاء لكنهم انتقلوا من البيت واشتراه أستاذ موسيقى مع زوجته وهى أيضاً موسيقية».

تنقل جارى بين تاريخ البيوت ومن كان يسكنها فى السابق ومن يسكنها اليوم ودرجة علاقته بكل عائلة وفرد، واعترض على أحد الجيران قائلاً إنهم كانوا يحتفلون إلى ما بعد منتصف الليل ويتسببون بالإزعاج والضوضاء لكنهم رزقوا بطفل وتوقفوا عن احتفالاتهم.

قصة شارع واحد مع محبة الجار الذى سردها لنا جعلتنى أشعر بالانتماء وأفهم أننا حين ننتمى فنحن ننتمى إلى أجزاء صغيرة جداً من المجتمع والبلد؛ ننتمى إلى جار طيب وشارع نحبه وصديق يسامرنا وزوج يحبنا وطفلة تشاركنا حياتها ومسئول عمل منصف.

فى الأمس وأنا أكلم صديقة فى بغداد قالت «لم يبقَ من أصدقائى وصديقاتى أحد فكلهم هاجروا، ولم يبقَ لدى جارة تزورنى، وأولادى تركوا العراق وشوارع المدينة مقفلة والتنقل من منطقة إلى أخرى مخاطرة».. هكذا وبكل بساطة انتهى شعور صديقتى التى قاربت الستين من عمرها وهى ابنة بغداد بالانتماء إلى مدينتها لأن تلك العلاقات الصغيرة والقريبة انتهت. هذا ما تفعله الحروب وما يفعله الطغاة، هم يقتلون شعورنا بالانتماء.

حين كنت طفلاً علمتنى مدرستى أن الوطنية هى الموت فى سبيل الوطن، لكننى سوف أعلّم ابنتى أن الوطنية هى محبة الشارع والجار والتفانى فى إسعاد الأهل والأصدقاء والارتقاء قدر المستطاع بالذات وزرع شجرة فى حديقة. سوف أعلمها أن الوطنية الحقيقية لا تقتصر على حدود مكان واحد بل هى خير عالمى وكونى وعابر للأجناس والأنواع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رؤية عراقى فقد وطنه رؤية عراقى فقد وطنه



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 10:48 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

هيونداي تكشف عن سيارتها "H1 2018" بتحديثات جديدة

GMT 16:44 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

نادي أتلتيكو مدريد يكشف حجم إصابة توماس ليمار

GMT 01:14 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

مقتل شخص وإصابة العشرات في زلزال على ساحل الإكوادور

GMT 03:52 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

توزيع الوسائد على الأرض للحصول على ديكور جذاب
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen