آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

القضاء رمانة الميزان فى مصر

اليمن اليوم-

القضاء رمانة الميزان فى مصر

معتز بالله عبدالفتاح
بقلم : معتز بالله عبدالفتاح

جزء لا يتجزأ من الفرق بين الصومال وأمريكا هو مدى قوة القضاء وهيبته واحترام السلطات الأخرى والرأى العام له.
حين غاب سياد برى عن الصومال فى مطلع التسعينات، كانت هناك دعوات لعقد انتخابات جديدة من قوى ومؤسسات عدة، بما فيها اتحاد القضاة، ولأن أحداً هناك لا يحترم القضاء أو فكرة المؤسسة أصلاً، انتهى الأمر بحرب مات فيها مئات الآلاف، ولم تزل الصومال أرضاً بلا دولة منذ ذلك الحين.
ولو كان فى تكوين السلطة الفلسطينية مكان لمحكمة دستورية عليا يحترمها الجميع، أو ما يشبهها لفصلت فى الكثير من الخلافات بين فتح (التى كان منها الرئاسة)، وحماس (التى كان منها المجلس التشريعى).
فى سنة 2000 كانت هناك انتخابات فى أمريكا تقول كل مؤشراتها إن آل جور، المرشح الجمهورى، قد حصل فيها على أغلبية أصوات الأفراد وأن عملية العد اليدوى فى ولاية فلوريدا كانت تعطى له فرصة حقيقية للفوز تحت حماية حكم قضائى من المحكمة العليا فى فلوريدا، حتى جاء حكم المحكمة الاتحادية العليا فى واشنطن ليوقف عملية إعادة الفرز وتعلن جورج بوش رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.
كان أنصار آل جور يقفون على هذا الجانب من الطريق وأنصار جورج بوش الابن يقفون على الجانب الآخر. الكل يرفع لافتات تؤيد مرشحه، لكن رصاصة واحدة لم تطلق.
وحين حكمت المحكمة العليا فى واشنطن، خرج آل جور على أنصاره ليقول: أختلف تماماً مع حكم المحكمة العليا، وأعتقد أنه خطأ، ومع ذلك أنا أحترمه وسأنصاع إليه وجورج بوش الابن هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وهو رئيسى، وكان بكاء أنصاره وحزنهم أكبر من أن يوصف، لكنه حكم القضاء فى مجتمع يحترم القضاء.
هذه مقدمة قصيرة طالت قليلاً.
والآن أنتقل إلى مصر:
القضاء فى مصر قدم لنا ثلاثة نماذج تستحق الإشادة فى ثلاثة أحكام. حكم محكمة النقض بشأن أحقية الدكتور عمرو الشوبكى بمقعد فى مجلس النواب مكان الأستاذ أحمد مرتضى منصور، الذى تم تنفيذه بعد فترة من التلكؤ غير المفهوم، لكنها سابقة مهمة تقضى تماماً على نظرية أن المجلس سيد قراره التى عشنا عليها عقوداً طويلة.
ثانياً، حكم القضاء الإدارى بعدم أحقية الدولة فى التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، لأن هيئة قضايا الدولة، الممثلة للحكومة، لم تقدم ما يقنع المحكمة بأن مصر كانت تديرهما فقط ولم تمارس عليهما أياً من أعمال السيادة. وجاء تقرير هيئة مفوضى الدولة ليكون أكثر وضوحاً فى رد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية بما يجعل القضاء فى مصر يعمل تأثيره باستقلالية نسبية تسمح له بأن يكون «فرامل» نظامنا السياسى إذا ما عجز مجلس النواب عن لعب هذا الدور.
ثالثاً، جاء حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة العاشرة من قانون التظاهر المثير للجدل، ليخرج علينا بالأمس المستشار حسام عبدالرحيم، وزير العدل، قائلاً إن مجلس الوزراء وافق على إقرار مادة جديدة، اليوم، بديلاً للمادة 10 من قانون التظاهر.
ليكون النص الجديد: «لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص فى حالة حصول جهات الأمن وقبل الميعاد المحدد لبدء الاجتماع أو التظاهرات أو الموكب العام، بناء على معلومات جدية، أو دلائل على وجود ما يهدد الأمن والسلم، التقدم بطلب إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة لإلغاء أو إرجاء الاجتماع أو الموكب العام أو التظاهرة ونقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها ويصدر القاضى قراراً مسبباً، ولذوى الشأن التقدم بتظلم من القرار وفقاً للقواعد المقررة لقانون المرافعات المدنية».
وأضاف أن المدة سيتم إرسالها إلى مجلس الدولة، ثم البرلمان لإقرارها، موضحاً أنه لا تعديل لمواد أخرى فى القانون، حيث إن المحكمة الدستورية أقرت باقى مواد القانون.
ربما يكون على «الحكومة» أن تعدل من بعض قراراتها، ولكن قطعاً «دولة» مصر كسبت كثيراً بوجود هذا القضاء اليقظ والمستقل. اختلفوا معه ولكن لا مجال لإنكار أهميته فى ضمان استقرار مصر.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القضاء رمانة الميزان فى مصر القضاء رمانة الميزان فى مصر



GMT 13:23 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 08:45 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

بلاد العرب للعرب... سابقاً

GMT 11:42 2020 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

التحليل السياسى وفتح المندل

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة من مجهول!

GMT 16:02 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الأدوات السياسية
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen