آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

في "هجاء" الرئيس الأميركي

اليمن اليوم-

في هجاء الرئيس الأميركي

بقلم : عريب الرنتاوي

بعض العرب، لا يطيق العيش بعيداً عن «الهراوة» الأمريكية على ما يبدو، لكأن الحنين يشدهم إلى عهدي بوش، الأب والابن، وحروبهما المفتوحة، تارة لتحرير الكويت وتدمير العراق، وأخرى لاحتلال أفغانستان وتدمير العراق مرة ثانية ... أما أن يأتيهم رئيس أمريكي، بشعار الانسحاب من الحروب، وتفادي خوضها من جديد، فهذا سبب كافٍ لكي توجه إليه أقذع الاتهامات، وغالباً على الطريقة العربية، وبأوصاف مستلهمة من «القاموس الذكوري / القبلي»، التي لا يفهمها أحدٌ من خارج السياق الثقافي العربي، من نوع: متردد، ضعيف، جبان، متخاذل، «بوّاق» إلى غير ما هنالك.

لا يذهب أحدٌ من هؤلاء إلى شرح «المزايا» التي ترتبت على حروب آل بوش في المنطقة ... ضربوا القاعدة في أفغانستان، فاستولدت «داعش» و»النصرة» في العراق والشام ... حرر الكويت من الاجتياح العراقي، فدمر العراق وألحق إعاقة مزمنة بأجيال من العراقيين الذين ذاقوا مرارات العقوبات والحصار ... اتهموا صدام حسين بإنتاج أسلحة كيماوية والاحتفاظ بروابط مع القاعدة، فكانت النتيجة، تدمير العراق، وإخراج «مارد الانقسام المذهبي من قمقمه»، وتسليم العراق لقمة صائغة لإيران.

ما الذي جناه العرب من حروب المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، طوال ربع القرن الأخير، غير الخراب والدمار وحروب المذاهب و»خطوط الدم»؟ ... ما الذي ترتب على تلك الحروب، غير بقاء بعض أنظمة الفساد والاستبداد في مقاعدها من دون تغيير أو تبديل؟ ... نفهم أن تبدي بعض هذه الأنظمة، قدراً من الاشتياق والحنين لتلك الأزمان، بيد أننا لا نستطيع أن نفهم، كيف يفعل بعض دعاة التغيير والإصلاح، من إسلاميين وغيرهم، أمراً مماثلاً.

لم يأت الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بفعل يمكن أن يحتفي به العرب، فقد ترك القضية الفلسطينية للترك والنسيان والاستيطان، بعد أن أثار جلبة كبرى في خطاب القاهرة الشهير .

.. ولم يستنكف عن ممارسة الفعل العسكري، كما فعل في ليبيا، دعماً لأوروبا والأطلسي، وهو أمرُ عاد وندم عليه، كما قال لجيفري جولدبرغ ... لكنه، ومن باب الإنصاف، تجنب أشد الضغوط لشن حرب على إيران، كان يمكن أن تشعل المنطقة برمتها .... وتفادى ضغوطاً أشد للتورط في سوريا، ولو فعل ما أراده له ومنه، بعض «العربان، لكانت سوريا اليوم مزقاً ونتفاً، ولكان الإقليم برمته، قيد «الفك والتركيب».

مشكلة أوباما مع بعض حلفائه العرب، الذين وصفهم ذات مرة بالكسولين، أنهم ظنوا أن أقوى جيش في العالم، يمكن أن يكون «بلاكووتر» ثانية، يجري استئجار خدماته «غب الطلب» ... الذين اعتادوا شراء كل شيء بالمال، من «الفيفا» إلى السياسات الخارجية والدفاعية لدول بأكملها، ظنوا أن هذه اللعبة صالحة لكل زمان ومكان ... لكن عندما جاءهم من يرفض عروضهم على سخائها، استلوا كل مفردات «التأنيث» و»التخنيث» ليصبغوها على الرجل وإدارته.

لم يكف هذه المنطقة ما فعله بها المحافظون الجدد من انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة ... بعض العرب، يريد لتلك السياسات المغامرة والمدمرة، أن تستمر إلى الأبد، وأن تصبح «الهراوة الأمريكية الغليظة» هي لغة التخاطب الأمريكي مع كل من تعتقده هذه الأنظمة بأنه عدوها، أو ضد كل من ترغب في تصفية الحساب معه.

هذا الزمن ولّى مرة واحدة، وربما إلى الأبد ... والمسألة ليست رهناً بإدارة ديمقراطية، حتى يمكن أن تتغير مع إدارة جديدة، ولا برئيس أسود، حتى تتبدل مع رئيس أبيض ... ثمة تغيير في النسق والأولويات الاستراتيجية الأمريكية ... ثمة ابتعاد منهجي منظم عن الشرق الأوسط، وهجرة إلى الشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا والباسيفيك ... ثمة مكانة متراجعة لهذه المنطقة ونفطها، لا تغري بشن حروب جديدة، ولا بتعهد حلفاء سابقين ورعايتهم ... وحتى بفرض خروج الديمقراطيين من الحكم أو مجيء هيلاري كلينتون، فإن نبرة الخطاب الأمريكي قد تتبدل، بيد أن جوهر السياسات والاستراتيجيات، سيبقى على حاله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في هجاء الرئيس الأميركي في هجاء الرئيس الأميركي



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 22:39 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 00:00 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:44 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة وصاخبة في حياتك العاطفية

GMT 04:08 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انخفاض أسعار السيارات الكهربائية خلال العامين المقبلين
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen