آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

الحقد الاسود

اليمن اليوم-

الحقد الاسود

هناء حمزة
بقلم - هناء حمزة

" ما مبين عليك من طرابلس" قالت شريكتي في غرفة الجامعة في بيروت "الشرقية" زمن الحرب عندما قررت ان اتابع دراستي الجامعية  في بيروت ...وشريكتي يومها كانت من كسروان ..ولم تكن تعرف من العالم غير كسروان ولم اكن اعرف من العالم غير طرابلس..كنت اعتقد ان مدينتي هي محور العالم وكانت تعتقد ان بلدتها في كسروان هي محور العالم وكنا معا نتقاسم غرفة صغيرة في مبنى ملاصق للجامعة في الاشرفية المنطقة التي تميزت حينها بفوقيتها علينا معا فلم تميز بيننا وان جعلتني بمرتبة ادنى درجة من مرتبة شريكتي كوني " جاية من طرابلس"  ..
حياتي في "الشرقية" يومها علمتني ان اكون سفيرة طرابلس ووجهها الحضاري فمنعت نفسي من ابسط الأخطاء وتجنبت النقاشات السياسية المناطقية والطائفية الحادة وكنت الجأ الى قلب اتجاهها الى وطني صرف .اشهر قليلة وقسمت "الشرقية" الى شرقيتين والدم اصبح للركب بين القوات والعونيين ولا اخفي ولا اخجل من دور لعبته مرارا في تقريب وجهات النظر ومحاولة اصلاح ما تهدم بين الاصدقاء في الجامعة ابناء الطائفة الواحدة والانتماء المعادي ..عدت ادراجي الى مدينتي تحت نيران حرب الغاء فئة لاخرى ضمن طائفة واحدة  قبل ان انتقل مجددا بعد سنوات للعمل في بيروت  ثم الى دبي حيث جمعتني حضانة  أطفال لبنانية  بعائلة  من كسروان  سرعان ما اصبحنا عائلة واحدة نادرا ما نفترق...اذكر يوما اخبرني الصديق الكسرواني انه كان  يخاف من المسلم قبل ان  يأتي الى دبي  وأخبرته طبعا تجربتي في طريق الرعب الذي كنا نسلكها للوصول الى بيروت من طرابلس عبر حاجزي المدفون والبربارة ....غيرتنا دبي يقول الصديق   اخرجتنا من قوقعة المدينة والبلدة والبلد ..هنا في هذه الامارة 140 جنسية تتعايش بمنتهى الاحترام..تجبرك الحياة في دبي ان تتقبل الاخر ..تعلمك ان الانفتاح الحقيقي هو في تقبلك للآخر.. فانت تشارك الاخر العمل والسكن والحي والمول وكل شيء..وكلما تتعرف على الاخر تذوب انت..فأنت  لاشيء في هذا العالم المختلف..طرابلس لامكان لها في الاعراب ..كسروان لم يسمع عنها احد....لبنان بالنسبة لهذا العالم هو جنة تحولت الى جهنم بسبب اهلها...اهلها اي نحن..لا يحترمنا احد في هذا العالم على ما فعلناه بوطننا .قليل من الاحترام بدأنا نستعيده مع الثورة...صديقي ابن كسروان وانا ابنة طرابلس جمعتنا الثورة  لاننا نريد لبنان على صورة العالم وليس على صورة بلداتنا ومدننا ...يرسل صديقي الكسرواني لي فيديو الشاب الطرابلسي  وهو يهان في بلدته  يردفه باعتذار...ترددت بنشر الفيديو لا اريد ان اشارك في هذا الحقد الاسود...اعلم تماما ان شعور اهالي كسروان الحقيقي كشعور صديقي ..اعلم تماما ان كسروان كمدينتي تعاني من القلب الاسود والحقد الاسود البغيض ...نحن في لبنان يرضع بَعضُنَا  الحقد اكثر مما نرضع الحليب..نكره الاخر ولا نتقبل الاختلاف ونعمل على الغائه بشتى الطرق... ..يشدنا اي عصب الا العصب الوطني ..زرت العالم كله لم يسألني احد انت من طرابلس شو جاي تعملي هون ..غريب هذا الحقد ... غريب هذه العنصرية ..العالم يا شريكي في الوطن اكبر بكثير من كسروان ومن لبنان..اخرج من قوقعتك انفتح على العالم ابحر بيختك في بحر العالم واكتشف العالم من حولك  بدل الهروب وحيدا الى عرض البحر....اختلط بالاخر ، شاركه طعامه وتقاليده وأعرافه ...لا تعتقد انك تستطيع ان تعيش وحيدا لا تعتقد انك قادر على الغاء اي اخر .. التعصب لا دخل له بطائفة ولا  بمنطقة بل في حقد على منطقة وطائفة في حقد اسود حملته معك من ايام الحرب ولم تستطع ان تتصالح مع نفسك بأيام السلم ..تسقطه يوما على من يختلف معك من طائفتك وتسقطه يوما على من يختلف معك في الوطن..يا شريكي الاسود الوطن لا يبنى بقلوب سوداء داكنة . ..زمن الحرب انتهى الى غير رجعة يبقى ان ينتهي حقدك الاسود الى غير رجعة...مبين علي انا من طرابلس  نعم جاية من طرابلس..  اتكلم لغة غير لغتك وقلبي ابيض ولي الشرف ان اكون من اول مدن لبنان المنقلبة على الحقد الأسود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحقد الاسود الحقد الاسود



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 16:15 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

شقيقة الفنان الراحل رشدي أباظة تتحدث عن حياته في "مساء الفن"

GMT 22:50 2016 الخميس ,11 آب / أغسطس

الألوان الزيتية والمائية

GMT 09:48 2016 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أفضل الملابس المتماشية مع رحلات الكريسماس

GMT 18:53 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

أحمد خليفة مديرًا فنيًا لمنتخب الجودو للمرة الثانية

GMT 17:20 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أسطورة "ليفربول" الإنجليزي جيمي كاراغر يُشيد بثنائي "تشيلسي"

GMT 22:40 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

فيلم the nun حديث مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 05:50 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

نمران صغيران يقتلان حارسًا في حديقة حيوان في الهند

GMT 06:13 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

إليك أفضل المتاجر الخاصة لمُحبّي هدايا عيد الميلاد

GMT 23:00 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

مشجعو ريال مدريد يختارون أفضل 6 لاعبين في تاريخ النادي

GMT 18:45 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

طرق إزالة بقع الدم عن الملابس بخطوات بسيطة

GMT 06:56 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

السعودية تعلن فرض رسومًا إضافية على العمالة الأجنبية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen