آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

أمين معلوف يوم كان فتى

اليمن اليوم-

أمين معلوف يوم كان فتى

بقلم - سمير عطا الله

كيف تُصنع الرواية؟ مثلما يتصور الأطفال ألعابهم. يعثر الطفل على لعبة خشبية تمثل فِيلاً، وعندما يتباهى أمام أقرانه، يدّعي أنه عثر على الفيل في غابة بعيدة، وأن هذا الفيل يطير في الليل ويتحول خرطومه إلى ضوء قوي وأذناه إلى جناحين هائلين.
لكن الروائي طفل ناضج. يعرف أن عليه أن يقنعك. لذلك، يبالغ في تخيّل الواقع وفي رسم الحقائق التي تبحث عنها مخيلته. في الرواية التاريخية أو في الرواية العاطفية أو في الرواية البوليسية، يحرص الكاتب على الواقعية. ويبحث عن أبطاله وأحداثه ودرامياته في الصحف وسجلات المحاكم، ثم يستخدم سحره في إعادة صياغتها بأسلوب يتجاوز السرد العادي.
ولا شك في أن الروائي يستخدم كل ذكرى وكل منظر وكل حادثة مرت به، ثم يبحث لها عن مكان مناسب في أعماله. أوائل الستينات ذهبنا في وفد صحافي إلى قبرص، وأقام السفير اللبناني شحادة الغصين مأدبة عشاء للوفد، التقينا خلالها فتى مؤدباً قدمه السفير على أنه ابن شقيقته، أمين معلوف.
أمضينا في قبرص ثلاثة أيام، وكانت أجمل معالم الزيارة مدينة فماغوستا على البحر. وفي المدينة مرفأ قديم مليء بالمقاهي والحمالين والزوار والتجار والفنادق العتيقة. عام 1997 منح أمين معلوف جائزة «غونكور»؛ أرفع جائزة أدبية في فرنسا، وربما في أوروبا، على روايته «صخرة طانيوس».
منذ أن كان أمين يكتب بالعربية، قرأت كل كلمة كتبها. لم أتحمس مطلقاً لقراءة «صخرة طانيوس». شعرت مما كتب عنها أنها ذات موضوع ضيق، خصوصاً بالمقارنة مع أعمال أمين الأخرى: «سمرقند» و«ليون الأفريقي» و«الحروب الصليبية كما رآها العرب» وغيرها! كلما سافرت من مطار بيروت أمرّ بالمكتبة لأرى ما الجديد فيها. لكنني هذه المرة رأيت «صخرة طانيوس» فاشتريتها.
نزلت الطائرة بعد ساعات، والرواية لم تنزل من يدي. وعندما أكملت قراءتها فيما بعد، كنت أزداد انبهاراً بهذا الطرزي الرائع: كيف يبتكر لأشخاصه الألوان، وكيف ينقل أبطاله في المدن والقرى والموانئ. يلملم المشاهد من ذكرياته ورحلاته وقراءاته. وأتذكر الفتى الباسم في قبرص وأنا أتابع بطله في «فماغوستا». لقد حمل المدينة في ذاكرته إلى يوم احتاجها ملجأً لبطله، هي وميناءها العتيق ومقهى العجوز الفتريوس وخمول لاعبي النرد.
الذاكرة بحر الروائيين، خصوصاً إذا سافرت وترحلت في ديار الله كما فعل أمين المولود في عائلة تغرّب رجالها في القارات الأربع، وتحولوا جميعاً إلى أشخاص في رواياته. وأكثر ما يذكّرنا الفتى، المعد اليوم لجائزة نوبل، بقول ابن زريق البغدادي:
كأنما هو حلّ ومرتحل
موكَل بفضاء الله يذرعُهُ

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمين معلوف يوم كان فتى أمين معلوف يوم كان فتى



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 03:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

بعيدا عن الأكاذيب والصفقات المضروبة !!

GMT 15:16 2016 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

افضل 4 أنواع من الشامبو لشعر كثيف لامع وناعم

GMT 23:20 2016 السبت ,13 آب / أغسطس

فؤائد ممارسة الجنس بكثرة بين الزوجين

GMT 03:54 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

شمبانزي بالغ يختطف آخرًا عمره بضع ثواني قبل أن يلتهمه

GMT 02:01 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

إيمان العاصي تكشف عن سعادتها بنجاح "السبع بنات"

GMT 17:22 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

جوارديولا يصرح عليَّ تعلم الكثير.. وأنا هنا بسبب فلسفتي

GMT 05:50 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

شواطئ جزر سيشل قبلة العشاق في شهر عسل
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen