آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

الدناءة والعبقرية

اليمن اليوم-

الدناءة والعبقرية

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

في حياته، كانت سيرته الينبوع الأكبر الذي استوحى منه رواياته. وفي الموت جعلت منه تلك الروايات أحد أعظم الأدباء في التاريخ في كل اللغات. الأب السكير المتهتك في أهم أعماله: «الإخوة كارامازوف»، هو والده، مموهاً بين شخصيات أخرى. السجين، في «رسائل من تحت الأرض» هو نفسه. «المقامر» هو الرجل الذي أمضى حياته مثقلاً بالديون، ذليلاً يقترض من كل الناس، ويكذب على صندوق لجنة الأدباء من أجل قرض صغير، ويحمل زوجته على أن تبيع كل ما تملك؛ بحيث لا يبقى لها سوى ثوبها الأخير.
لن تغامر إطلاقاً في قراءة سيرة رجل من هذا النوع. ولكن عندما تجدها فصولاً مختلفة في أعمال أدبية، سوف تجد نفسك واحداً من عشرات الملايين الذين لا تزال تسحرهم إلى اليوم روايات مثل «الأبله»، و«مذلون مهانون»، و«الجريمة والعقاب».
تولى الدكتور سامي الدروبي، سفير سوريا لدى مصر، نقل تلك الأعمال كاملة إلى العربية. وأقصد بـ«كاملة» بأجوائها ومناخاتها الروسية، وتوترات ذلك العبقري المريض بالصرع والقمار. فقد كتب معظم أعماله تحت ضغط التشديد. وكان يسلم فصلاً من رواية مسلسلة إلى إحدى المجلات، ثم يعدو عدواً في ملء الفصول التالية بالحبر مع مواعيد الصدور. وبقدر ما كان حظه سيئاً في القمار، بقدر ما أسعفه في زوجة تعتني به، ويملي عليه من تلك المخيلة الهادرة ما تبقى من فصول. أو أحياناً من الحقائق المحزنة في حياته وأهله وسجنه السياسي زمن القيصر. وقد نجا مرة من الإعدام بالرصاص بفارق ثوانٍ قليلة. فبينما هو يقاد إلى الجدار معصوب العينين، وصل الأمر من القيصر بالعفو عنه وعن رجلين آخرين كانا في فرقته. يصفه كاتب سيرته ستراخوف بهذه السطور:
لا أستطيع أن أعد دوستويفسكي إنساناً صالحاً أو سعيداً. كان سيئاً، فاسداً، حسوداً. كان طوال حياته فريسة عواطف جعلته سخيفاً وبائساً. هل كان أقل ذكاءً أو أقل شراً؟ لقد أدركت بوضوح هذه العواطف أثناء كتابتي سيرته. ففي سويسرا، بحضوري، عامل خادمه على نحو سيئ. وقد تمرد ذلك الرجل وقال له: «لكني إنسان أيضاً»! تذكرت كم صدمتني هذه الكلمات التي تعكس الأفكار الشائعة في سويسرا الحرة حول حقوق الإنسان، والموجهة إلى من كان يعظ البشر حول العواطف الإنسانية. تلك المشاهد كانت تقع باستمرار، لم يكن باستطاعته التحكم في مزاجه. والأسوأ من ذلك هو أنه كان يتباهى بأنه لم يندم قط على أفعاله القذرة. كانت تفتنه الأفعال القذرة ويعتز بها. أخبرني فيسكوفاتوف (البروفسور) كيف نجح دوستويفسكي في اغتصاب فتاة صغيرة في حمام عمومي «جلبتها له مربيتها».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدناءة والعبقرية الدناءة والعبقرية



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 23:44 2016 الأحد ,29 أيار / مايو

كريم طبيعي وبسيط يزيل رائحة العرق بسهولة

GMT 01:36 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جامعات يابانية تستعرض برامجها الدراسية في "نجاح 2016"

GMT 14:51 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بدر الشعيبي ينشر صورة طفلته الجديدة على موقع "إنستغرام"

GMT 22:15 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

المؤتمر الوطني يعتمد تشكيل حكومة الوفاق الوطني

GMT 06:57 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 3

GMT 09:22 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مليارات من الجراد تجتاح كينيا

GMT 13:21 2021 الجمعة ,02 تموز / يوليو

السيارات الطائرة ستصبح حقيقة بحلول 2030
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen