آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

هل ظلم المجتمع هند؟!

اليمن اليوم-

هل ظلم المجتمع هند

بقلم - عماد الدين حسين

هل يمكن لمجتمع كامل أو غالبيته أن يكون ظالما؟! نعم للأسف حدث شىء من هذا القبيل فى الأيام الأخيرة.
فى قضية السيدة هند التى عرضت حياة طفلها للخطر، حينما أجبرته على القفز من الشباك للبلكونة لفتح باب الشقة، فى مدينة ٦ أكتوبر، انبرى واندفع غالبية الناس لإدانة السيدة، وتعليق المشانق لها، والمطالبة بالقبض عليها وسجنها.
حينما أقول «المجتمع الظالم» أقصد غالبية أفراده، أو على الأقل المؤثرين فيه. والدليل أن هذه الحمى التى انفجرت فى وجه والدة الطفل، انتهت بحبسها قبل أن يتم إطلاق سراحها لاحقا.
السوشيال ميديا صار لها قوة اسطورية جبارة، صارت هى الرأى العام الحقيقى فى كثير من القضايا. يكفى أن تركز على قضية معينة، أو تتخذ موقفا محددا، فيكون هو التيار العام الرئيسى، الذى يتبناه بقية المجتمع لاحقا.
المأساة الأكبر أن بعض أجهزة ومؤسسات الدولة تنقاد أحيانا خلف السوشيال ميديا، وبدلا من أن تتخذ هذه المؤسسات القرار الأصح، أو تعدل الحال المايل، نراها تسير مع القطيع العام!.
للوهلة الأولى قامت السوشيال ميديا بشيطنة الوالدة. وللموضوعية فإن السيدة مخطئة، وعرضت حياة ابنها للخطر، وينبغى لفت نظرها وتأهيلها. لكن المدهش فى الأمر أننا كمجتمع أفرادا ومؤسسات وأجهزة وحكومة، تصرفنا باعتبارنا أننا جميعا مثاليون ونعيش فى السويد أو سويسرا، وأن هذه السيدة فقط هى المخطئة، التى ينبغى إعدامها حتى لا تخدش أو تسىء إلى المظهر العام المثالى.
هذا السلوك له تسمية واحدة، وهى النفاق العام. وكان ينبغى ألا نبحر جميعا خلف هذه الموجة العالية والعاتية.
نعم كان مطلوبا توعية السيدة بمخاطر سلوكها، لكن على كل الذين اندفعوا وتحركوا، وطالبوا بإدانة السيدة، أن يدركوا أن ما فعلته يتكرر كل يوم فى غالبية أرجاء مصر. الفارق الوحيد، أن المتلصص الذى يفتح كاميرا تليفونه، لم يكن موجودا، وبالتالى فنحن لا نرى هذا السلوك المشين، موثقا، رغم أننا نراه بعيوننا الطبيعية كل يوم، بل كل لحظة.
جربوا أن تسيروا فى أى مكان شعبيا كان أو ريفيا، بل فى المناطق الراقية أيضا. سوف تكتشفون أن عنف الآباء ضد الأطفال الصغار موجود فى كل لحظة لفظيا وجسديا، وبالمصادفة فإن سيدة قتلت طفلها بحجة تقويمه وتأديبه فى نفس التوقيت تقريبا التى كانت السيدة هند تقوم فيه بإجبار طفلها على دخول الشقة من نافذة الجيران!
لا يعنى كلامى السابق مطلقا التماس العذر للأم، بل فقط أن نكون واقعيين، وألا نتعامل مع ما فعلته الأمر، باعتباره حدثا نادرا استثنائيا وكأننا نراه للمرة الأولى!.
هذا اندهاش غريب ومريب، ويكشف عن أن غالبيتنا مرضى، أو أننا نمثل دور البراءة والفضيلة والورع والتقوى، فى حين أن بعضنا قد يكون ساديا مع أطفاله، بصورة أسوأ مما فعلته هند مع ابنها.
جيد أن تتحرك بعض مؤسسات وأجهزة الدولة للتعامل مع هذه الواقعة، لكن سيكون موقفها أفضل وأشرف كثيرا، لو تحركت لتعرف كم «هند» موجودة فى المجتمع تتعامل مع أولادها، بمثل هذا العنف، وكم عدد الأبناء المماثلين الذين، يتعاملون مع أولادهم بقسوة وعنف، تصل إلى حد قتلهم فى نوبات غضب صارت طبيعية جدا فى قطاعات واسعة من المجتمع.
السؤال: هل أجهزة الدولة المختصة لديها علم بما يحدث فى قاع المجتمع أو حتى سطحه، فيما يتعلق بسلوك الآباء مع الأبناء؟! وإذا كان لدينا هذه المعرفة فما هى الآليات والوسائل والإجراءات، التى تجعلهم يوقفون هذا العنف؟
أخشى أن يكون تحرك الأجهزة الحكومية، مجرد رد فعل لنشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعى، للقول أو للإيحاء بأن الحكومة موجودة، واتخذت موقفا سريعا.
موقف الأب كان شجاعا حينما دعا للإفراج عن زوجته والنيابة استجابت مشكورة، لكن غالبيتنا ارتدى ثوب البطولة، وانهال سبا وتقريعا ولوما على السيدة، ولم يفكر فى عواقب الأمور.
غالبية المجتمع اغتال هذه السيدة معنويا، رغم أنه يمارس نفس جريمتها ليل نهار!.
السؤال: كيف يمكن علاج هذه القطاعات المجتمعية الواسعة من هذا النفاق الرخيص؟!!.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ظلم المجتمع هند هل ظلم المجتمع هند



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 02:42 2017 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

أشرف بنشرقي يتطلع للحصول على دوري أبطال أفريقيا

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 13:21 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال 21 شخصًا في أعمال شغب بسبب نزاع في ماليزيا

GMT 17:58 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير منقوشة الزعتر بالخضار

GMT 19:04 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفضل تصفيفات وتسريحات الشعر الكيرلي

GMT 10:39 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"من فيسبوك" تغضب مستخدمي "واتسآب" وتدفعهم إلى حذف التطبيق

GMT 06:35 2016 الأربعاء ,27 تموز / يوليو

Glamorous New York Fashion

GMT 06:22 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مميزة لديكور تلفزيون مودرن في غرفة المعيشة

GMT 20:24 2016 الإثنين ,08 آب / أغسطس

فوائد عشبة القلب
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen