آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات

اليمن اليوم-

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات

بقلم - عماد الدين حسين

يسأل بعض الناس أحيانا: هل ينبغى على الحكومة المصرية أن تهتم بما تقوله القوى والمنظمات والبلدان الغربية بشأن ملف حقوق الإنسان والحريات فى مصر؟!
بعض الناس يسأل السؤال بصيغة أخرى، وهى: لماذا لا ترد الحكومة المصرية على هذه المطالبات الغربية بعبارة بسيطة: «اخبطوا أدمغتكم فى أقرب حائط»!
وهناك صيغة ثالثة لهذا السؤال مفادها: «هل نحن نحتاج الغرب، وبالتالى نضطر للاستماع إلى ما يقوله فى ملف حقوق الإنسان؟!
الإجابة على الأسئلة السابقة بأكملها تصب فى اتجاه واحد، وهو أنه يندر أن نجد دولة طبيعية فى العالم تستطيع أن تعيش فى عزلة، أو بعيدا عن الاعتماد على بقية العالم، فما بالك إذا كانت ظروف هذه الدولة الاقتصادية صعبة جدا مثل مصر؟!
بالطبع وقبل طرح كل هذه الصيغ من الأسئلة، فإن المنطق الطبيعى يقول إنه يفترض بداهة بالحكومة المصرية أن تحترم حقوق الإنسان، لأن هذا هو الأصل، سواء رضى عنا الغرب أم لا.
لكن نعود إلى الواقع وبعيدا عن الافتراضات والتمنيات والعواطف والمشاعر والكلمات الرنانة، فهذا الغرب لديه أوراق قوة كثيرة. الغرب وخاصة أمريكا هو الذى يقود ويوجه مؤسسات التمويل الدولية خصوصا صندوق النقد والبنك الدوليين. يمكن لهذا الغرب أن ينتقم من أى دولة بسبب خلافات سياسية، كما فعل دونالد ترامب مع تركيا، لإجبارها على إطلاق سراح القس برانسون. يملك الغرب منح المنح والمساعدات أو وقفها، كما يملك وسائل الإعلام الجبارة التى «تشيطن» الدول أو المسئولين أو تضعها فى مصاف الملائكة!. يملك الغرب الأسلحة والأغذية والأدوية التى تعتمد عليها غالبية بلدان العالم. وصار هو المالك شبه الحصرى للتكنولوجيا الحديثة، خصوصا فى الاتصالات.
هل يعنى كل ما سبق أننا لا نملك أى أوراق ضغط فى مواجهة هذه الكروت الذكية والذهبية؟!
بالطبع نملك أوراقا كثيرة ومهمة مثل الموقع الجغرافى، والتأثير الكبير فى المنطقة العربية، والغرب يحتاجنا أيضا، خصوصا فى ملف الهجرة غير الشرعية، ومواجهة الإرهاب والتطرف، لكن للموضوعية، فإننا نحتاج الغرب، بصورة أكبر كثيرا من احتياجه إلينا.
للتدليل على ما سبق، نذكر أن الولايات المتحدة تقدم لنا مساعدات سنوية منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل، لكن هذه المساعدات، تحولت إلى ورقة ضغط أمريكية ضدنا لكى ننفذ طلبات متعددة لواشنطن.
نتذكر أيضا أن الكونجرس الأمريكى ضغط علينا كثيرا منذ بدأت هذه المساعدات، مرة بحجة اضطهاد الأقباط، ومرة باسم غياب الحريات ومرة بسبب تعثر الديمقراطية، ومرة باسم التضييق على منظمات المجتمع المدنى.
الأوروبيون أيضا استخدموا المنح والمساعدات للضغط علينا فى موضوع الحريات وحقوق الإنسان، وان كان الموقف الأوروبى أخف وأكثر اعتدالا مقارنة بالسفور الأمريكى الذى يصل حد البجاحة أحيانا.
المثال العكسى هو حالة الصين التى لا نحتاج لدعم أو مساعدات من أى نوع من الغرب، ولذلك حينما ينتقد سجلها الحقوقى، فهى تقول له: «لا نهتم بمواعظكم وسوف نستمر فى سياستنا وتوجهاتنا».
ونتذكر أن مصر تحدت الولايات المتحدة وأوروبا، وحاكمت العديد من أصحاب ومسئولى المنظمات الحقوقية الغربية والمصرية بعد ثورة يناير ٢٠١١، وأغلقت هذه الفروع، لكن للأسف، فقد أسفر الضغط الأوروبى الأمريكى عن الإفراج عن كل المحبوسين وترحيلهم بصورة غامضة ومريبة، قبل أن يتم تبرئة المتهمين لاحقا قبل شهور.
الحكومة المصرية تحاول تفادى الضغوط الغربية، بطرق متعددة. هى ترفض الكثير من الأفكار والشروط الغربية، وتناور هنا وهناك، لكن، لا يمكنها أن تصطدم مع الغرب دائما، لأننا نحتاج إليه كثيرا فى العديد من الملفات، وبالتالى نستمع إليه حينا، و«نطنش» حينا آخر.
هذا السيناريو كان هو السائد طوال عهد حسنى مبارك، خصوصا مع الولايات المتحدة، وبالاخص فى ملف مثل الأقباط والقبض على سياسيين مثل سعدالدين إبراهيم أو أيمن نور، وآخرين. 
بعد كل ما سبق، وإذا اتفقنا أننا نحتاج إلى هذا الغرب أحيانا، فعلينا أن نتحلى ببعض التواضع، وأن نفكر بهدوء وتعقل ونعرف متى نرفض ومتى نقبل، ونصبر حتى نكون أقوياء ونستطيع الاستغناء عن مساعدات الغرب. 
وختاما: أليس من الأفضل أن يتم مراعاة حقوق الإنسان فعلا، حتى نتجنب هذه التدخلات والإملاءات والانتقادات من قوى دولية كثيرة؟!

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 16:15 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

شقيقة الفنان الراحل رشدي أباظة تتحدث عن حياته في "مساء الفن"

GMT 22:50 2016 الخميس ,11 آب / أغسطس

الألوان الزيتية والمائية

GMT 09:48 2016 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أفضل الملابس المتماشية مع رحلات الكريسماس

GMT 18:53 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

أحمد خليفة مديرًا فنيًا لمنتخب الجودو للمرة الثانية

GMT 17:20 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أسطورة "ليفربول" الإنجليزي جيمي كاراغر يُشيد بثنائي "تشيلسي"

GMT 22:40 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

فيلم the nun حديث مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 05:50 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

نمران صغيران يقتلان حارسًا في حديقة حيوان في الهند

GMT 06:13 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

إليك أفضل المتاجر الخاصة لمُحبّي هدايا عيد الميلاد

GMT 23:00 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

مشجعو ريال مدريد يختارون أفضل 6 لاعبين في تاريخ النادي

GMT 18:45 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

طرق إزالة بقع الدم عن الملابس بخطوات بسيطة

GMT 06:56 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

السعودية تعلن فرض رسومًا إضافية على العمالة الأجنبية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen