آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

الحياة بـ«اللسان»

اليمن اليوم-

الحياة بـ«اللسان»

بقلم : د. محمود خليل

ليس هناك أى مبرر للانتحار، فمهما ضاقت سبل العيش بالإنسان، ومهما بلغ به اليأس من البشر المحيطين به، فعليه أن يعلم أن رحمة الله قريب. خلال الأشهر الأخيرة تعددت وقائع الانتحار خصوصاً تحت عجلات المترو. آخرها واقعة انتحار سيدة (32 سنة) مطلقة ولديها 4 أطفال بسبب مرورها بضائقة مالية. تبرير الانتحار بالعوز المادى والحاجة إلى المال ينطوى على قدر كبير من الاستسهال. الفقر آخر سبب يمكن أن نفسر به إقدام شخص على إزهاق روحه. فالمعاناة المادية عامل مشترك بين البشر على محورى الجغرافيا والتاريخ. فهو موجود فى كل مكان. كما أنه كان موجوداً فى الماضى ولم يزل فى الحاضر وسوف يظل فى المستقبل.

شىء ما تغير فى هذا المجتمع وثقافته أدى إلى هذا التكرار لحوادث الانتحار. يمكن أن يكون الثقافة الإيمانية، أو يكون فى تراجع قيمة التكافل، أو سقوط قيمة التراحم بين أفراد المجتمع المصرى. نوصف دائماً بأننا شعب متدين، لكن شواهد عديدة تقول إن تديننا شكلى أو بالأدق «لسانى» فنحن أكثر شعب فى الدنيا يتحرك لسانه بذكر الله والحلف به (سبحانه وتعالى)وتقديم مشيئته على كل مشيئة، لكن قليلاً مَن وصل الإيمان إلى قلوبهم وتمكن من مشاعرهم ونظرتهم إلى الحياة والأحياء. للحسين بن على (رضى الله عنهما) قول شهير يصف به وضعية البشر من هذا النوع، يقول فيه: «الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يدارونه ما دارت معايشهم.. فإذا مُحصوا بالبلاء قل الديانون». فهل تفوقت عبادة الدنيا على عبادة الله لدينا؟

تأمل قول الله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً».

تراجع قيمة التكافل من الأسباب الثابتة التى تكدر حياة المصريين فى أى زمان. قيمة التكافل واحدة من العوامل المهمة التى حفظت لهذا المجتمع توازنه خلال حقب متنوعة من تاريخه. التكافل بين أفراد العائلة الواحدة، وبين الجيران والأصدقاء والأقرباء. أخشى أن أقول إن الطبقة الوسطى -رمانة الميزان فى ثبات أو اهتزاز مبدأ التكافل- انصرفت عنه خلال السنوات الأخيرة. قد يكون لهذه الطبقة عذرها بسبب الغلاء المعيشى، لكن ذلك يجب ألا يؤدى إلى المصادرة الكاملة على هذه القيمة التى ظل كثيرون من أفراد هذه الطبقة مخلصين لها. فى الحديث النبوى: «لا تحقرن من المعروف شيئاً».

سقوط قيمة التراحم سبب آخر جوهرى من أسباب الانتحار، فغيابها يؤدى إلى تسمم حياة البشر. السيدة التى انتحرت مؤخراً تحت عجلات المترو لم تجد زوجاً يرحمها أو يرحم أولاده، لم تجد بين أفراد البيت الذى خرجت منه من يتعاطف مع مأساتها ومأساة أطفالها. حاصرها الجميع بالهم والغم والكرب العظيم فاهتزت نفسيتها وسقطت قيمة الحياة فى نظرها ففعلت ما فعلت. «التراحم» -مثله مثل التكافل- ثقافة، أساسها وجود القدوة. ويبدو أن القدوة الطيبة لم يعد لها وجود فاعل فى حياة المصريين. وذلك خطر أعظم من أى خطر.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة بـ«اللسان» الحياة بـ«اللسان»



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 02:42 2017 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

أشرف بنشرقي يتطلع للحصول على دوري أبطال أفريقيا

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 13:21 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال 21 شخصًا في أعمال شغب بسبب نزاع في ماليزيا

GMT 17:58 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير منقوشة الزعتر بالخضار

GMT 19:04 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفضل تصفيفات وتسريحات الشعر الكيرلي

GMT 10:39 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"من فيسبوك" تغضب مستخدمي "واتسآب" وتدفعهم إلى حذف التطبيق

GMT 06:35 2016 الأربعاء ,27 تموز / يوليو

Glamorous New York Fashion

GMT 06:22 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مميزة لديكور تلفزيون مودرن في غرفة المعيشة

GMT 20:24 2016 الإثنين ,08 آب / أغسطس

فوائد عشبة القلب
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen