آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

ما تغير بعد مؤتمر وارسو ومالم يتغير

اليمن اليوم-

ما تغير بعد مؤتمر وارسو ومالم يتغير

بقلم - نيفين مسعد

انتهت أمس الأول فى وارسو أعمال المؤتمر الذى أُطلِقَ عليه “ مؤتمر تعزيز مستقبل السلام والأمن فى الشرق الأوسط “ . حضر المؤتمر ممثلو نحو ستين دولة ، وكان الوفد الأمريكى هو الأضخم عددا والأرفع تمثيلا وهذا مفهوم لأن الدعوة من الأصل هى دعوة أمريكية ، فلقد حضر نائب الرئيس الأمريكى ووزير خارجيته ومستشاره (صهره) ومبعوثه لعملية السلام فضلا عن عدد من المعاونين والمساعدين. وفى حين مُثِلت إسرائيل برئيس وزرائها بنيامين نيتانياهو ومُثلّت دول عربية بوزراء خارجيتها ،  انخفض تمثيل بعض أهم الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا إذ غاب وزيرا خارجيتى البلدين وقرر وزير الخارجية البريطانية الحضور فى اللحظات الأخيرة معلنا أنه جاء ليرأس جلسة عن اليمن ، وغابت وزيرة الاتحاد الأوروبى بسبب «ارتباطات مسبقة»، أما روسيا الممسكة بأحد أهم ملفات المؤتمر أى الملف السورى فإنها رفضت المشاركة، كما قاطعت المؤتمر أيضا السلطة الفلسطينية، وهى الطرف الأصيل فى الصراع مع إسرائيل .

مثل هذا التباين المقصود فى مستوى التمثيل يضعنا من اللحظة الأولى فى أجواء الخلاف حول مؤتمر قيل إنه يهدف إلى «تعزيز مستقبل السلام والأمن فى الشرق الأوسط». لكن مستوى التمثيل لم يكن هو المؤشر الوحيد على التباين فى وجهات النظر حيال المؤتمر ، فقد كان تغيير أچندة الاجتماع من التركيز على إيران وحدها إلى التركيز على حزمة كبيرة من القضايا مؤشرا لايقل أهمية ، هذا مع الوعى التام بأن مؤتمرا يستمر ليومين أو أقل يستحيل أن يناقش بأى نوع من الجدية قضايا معقدة تتعلق بسوريا واليمن وخطة “السلام” مع إسرائيل والحرب السيبرانية وأسلحة الدمار الشامل . أما المؤشر الثالث فإنه يتعلق بموقف بولندا نفسها وهى الدولة التى استضافت أعمال المؤتمر ، فمع أن القاصى والدانى كان يعلم أن المؤتمر لا هدف له إلا الاصطفاف فى مواجهة إيران وماعدا ذلك ليس إلا ذرّا للرماد فى العيون، فإن نائب وزير الخارجية البولندية حرص فى زيارته طهران منتصف الشهر الماضى على تأكيد أن المؤتمر لا يناهض إيران ، كما نفى قنصل بولندا فى نيويورك أن تكون بلاده قد زعمت فى أى وقت أن إيران تمثل تهديدا لها .ننتقل إلى ما تغير بعد المؤتمر وما لم يتغير فنقول :  إذا كان الهدف من انعقاده هو وضع الأساس لحلف عسكرى ضد إيران فإن هذا الهدف لم يتحقق ، باختصار شديد لأن بعض المشاركين يرفضون الدخول فى مواجهة عسكرية مع إيران، ولو كانت الدول الأوروبية راغبة فى هذه المواجهة لما توصلت قبل المؤتمر إلى آلية مالية لإنقاذ الاقتصاد الإيرانى والالتفاف على العقوبات الأمريكية .

ونيتانياهو نفسه يعرف أن هذا الهدف لم يتحقق ، لذلك فإنه ما أن كتب تغريدة يمتدح فيها اجتماع إسرائيل بممثلى عدة دول عربية من أجل تعزيز المصلحة المشتركة فى “حرب إيران” إلا وقام سريعا بتغيير المفردات التى استخدمها ووضع “مكافحة إيران “بدلا من “حرب إيران” ، فلا المؤتمر  شهد اتفاقا على حرب إيران ولا فوّض أحد نيتانياهو للحديث باسم الدول العربية عن حرب مع إيران .  أكثر من ذلك فإن الكلام عن عزل إيران فيه تضخيم كبير، فبينما كان المؤتمر منعقدا فى وارسو كان ثلاثى روسيا وإيران وتركيا يجتمع فى سوتشى للتباحث فى المعضلة السورية، وهذه رسالة أرادت روسيا إرسالها .لكن ما سبق لا يعنى أنه لا يوجد شىء تغير، فمجرد الجلوس مع إسرائيل للحديث عن خطر النفوذ الإيرانى فى المنطقة ، أو ماأسماه وزير الخارجية الأمريكية “الحاءات الثلاث أى الحوثيين وحماس وحزب الله “، ينطوى على نوع من التغيير ، لأن هذا الأمر يخدم قضية تبديل مصادر تهديد الأمن القومى العربى ويضع إيران فى المقدمة بدلا من إسرائيل، وهذا بالضبط ما كان يعنيه نيتانياهو عندما قال إن حفل العشاء الذى جمع بين دول عربية وإسرائيل فى اليوم الأول كان بمثابة “خطوة تاريخية “، وهذه هى الورقة التى سوف يستغلها بامتياز فى الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة .   

 أما العلاقات الأمريكية -الروسية ، فمع أنها كانت متأزمة أصلا على خلفية قضية معاهدة الصواريخ النووية واختلاف مواقف الدولتين من إيران و قضايا إقليمية أخرى ، إلا أنه لوحظ أثناء المؤتمر وعلى هامشه وجود تصعيد كلامى واضح من وزير الخارجية الأمريكية ضد روسيا ، والأهم من ذلك هو تباحُث مايك بومبيو مع نظيره البولندى حول خطط تعزيز وجود القوات الأمريكية فى بولندا، وتلك مسألة تتعامل معها روسيا بحساسية فائقة ، ما يعنى أن توترا جديدا قد يكون قادما ليضيف لتعقيدات العلاقة بين الدولتين .

مرة أخرى إن مشكلات المنطقة العربية لن تحلها الأحلاف العسكرية ، ولن يتحقق السلام والأمن اللذان اتخذهما مؤتمر وارسو عنوانا له ما لم تكن هناك نظرة شاملة لمشاريع القوى الإقليمية الثلاث إسرائيل وإيران وتركيا ، وذلك فى انتظار أن يكون لمنطقتنا العربية مشروعها المنبثق من مصالح دولها  . 

نقلا عن الاهرام الاخبارية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تغير بعد مؤتمر وارسو ومالم يتغير ما تغير بعد مؤتمر وارسو ومالم يتغير



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 05:37 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نيوزيلندا وجهة سياحية مميزة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة

GMT 12:53 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

«طلاء حيوي» يقاوم التآكل والبقع وأشعة الشمس

GMT 07:34 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الافصاح عن بناء أول مزرعة موجية لتوليد الطاقة في بريطانيا

GMT 13:30 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

أفكار جديدة وبيسطة لديكور ركن الصلاة في المنزل

GMT 17:42 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بيكيه يستفز كريستيانو رونالدو ويؤكد أن "البرغوث" من كوكب آخر

GMT 01:00 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد الجمباز في بيروت يعلن جوائز بطولة لبنان للذكور

GMT 08:23 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

المرأة تميل إلى السلوك الودي والاجتماعي عكس الرجال

GMT 03:17 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

حرب شعواء تُضرم بين "سي إن إن" و"فوكس نيوز"

GMT 05:58 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

رشا شربتجي تفصح عن طرق التعذيب في سجون سورية

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen