آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

محاكم التفتيش الشعبية

اليمن اليوم-

محاكم التفتيش الشعبية

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

لم يعد يفصلنا عن مرحلة أن يمشى كل منا مدججًا بسيف ليشج رأس كل من يختلف معه إلا قيد أنملة. ولم يعد بيننا الكثيرون ممن يرفعون شعار «حرية التعبير والنقد» إلا قلة قليلة تُعد وتُحصى. ولم تعد المحاكم المنصوبة والمقاصل المرفوعة على أثير مواقع التواصل الاجتماعى ومنها إلى الواقع ينقصها شىء لتكتسب سمة «محاكم التفتيش». وهى محاكم نقيمها شعبيًا لمحاسبة بعضنا البعض على ما نفترض شعبيًا أنه الصحيح والثابت.

ومن انتفضوا بالأمس القريب للهجمة الشنعاء التى تعرضت لها مذيعة شابة وصفت آراء رجل دين راحل بـ«التطرف» وأقاموا الدنيا لأن البعض اتهم المذيعة بالمساس بـ«الثوابت»، وسخروا ونددوا بمن نصبوا بشرًا «ثوابت» واضعين إياهم موضع التقديس، هم أنفسهم من انتفض أمس اعتراضًا على ما نسب إلى كاتب شاب وهو يعبر عن رأيه الشخصى فى كاتب راحل كبير.

هؤلاء المدافعون عن حق التعبير وحرية النقد وٌجِدوا متلبسين بخنق التعبير ومنع النقد. وكلا الفريقين يستحق أن يحصل على دور فى فيلم تاريخى ساذج من نوعية تلك الأفلام التى تعتبر أن الحبكة الفنية للكفار والمشركين تتلخص فى حاجبين كثيفين غير منفصلين وتناول بطة أو وزة أو فرخة بحالها بهمجية شديدة وعنجهية رهيبة، فيما يُبدع المؤمن التقى دوره من خلال تمثيل دور المسكنة وإتقان شخصية الهزيل المسكين المغلوب على أمره الذى لا ينتصر إلا بدعاء الوالدين والثقة فى أن شيئاً ما سيحدث دون سابق إنذار بينما هو جالس تحت الشجرة ينقذه من ويلات الكفار وقسوة المشركين. مفيش إبداع خالص.

والإبداع الحقيقى المطلوب فى مجتمعنا هو الخروج بنا من نفق الرؤى الأحادية الخانقة، والقوالب سابقة التجهيز الضيقة، واعتبار الزى الموحد والفكر المتطابق والحس المستنسخ غاية المنى وكل الأمل. الأمل معقود على أن نقتنع بأن اللغة عامرة بكلمات أخرى تستحق الإجلال والتقدير بالإضافة لكلمة «آمين»، وأن ازدواج المعايير فى قيمة حرية التعبير لا تعنى إلا ضيق أفق وتشابه إلى درجة التطابق بين هذا المهووس دينيًا وذلك الذى يعتقد نفسه متنور فكريًا.

لكن مع النقد تأتى المسؤولية. فالنقد لا يعنى بالضرورة توجيه الشتائم والسباب واعتبارها حرية ثورية وثورة حرية. كما يفضل أن يكون نقدًا مبنيًا على قدر من معرفة مع إمكانية طرح بدائل وإلا أصبح نقدًا وخلاص وسفسطة لا طائل منها. وحتى فى حال تطور نظام تعليمنا ليربى النشء على قيم التفكير النقدى، وتحلحل مجتمعنا ليخرج من ظلام «لا تجادل يا أخ على»، وتقدمت ثقافتنا لتنأى بنفسها عن ثقافة «اسكت»، سيظل هناك من يعتبر النقد خطيئة والاختلاف آفة والاعتراض دليلا دامغا على نقص فى التربية وشح فى التنشئة، لكنهم سيكونون قلة ولن يدافع عنهم برلمان أو يعضد من شوكتهم مجتمع منغلق مصاب بهسهس التطابق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاكم التفتيش الشعبية محاكم التفتيش الشعبية



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 18:38 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لابورت لاعب بلباو يُفسّر رفضه اللعب لكل من سيتي وبرشلونة

GMT 11:30 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

15 قاعدة في الأناقة تعلمك إياها أمل كلوني

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

البعثة السويسرية تعرض 10 قطع أثرية مهمة في وادي الملوك

GMT 16:22 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة تونس تقفل تدولات الاربعاء على ارتفاع

GMT 12:37 2021 الثلاثاء ,13 تموز / يوليو

أفكار ديكور تساهم في تجديد الطاقة في مكتب العمل

GMT 06:14 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أفضل عطور الخريف والشتاء

GMT 23:47 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

بابا الفاتيكان يُطلق تطبيقًا رقميًا للصلاة معه

GMT 21:21 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

عمر السومة يبيّن أن كريستيانو رونالدو هو الأفضل في العالم

GMT 18:30 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عازف القانون ماجد سرور يخطف أنظار الجمهور في دار الأوبرا
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen