آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

«إياكش تولع»: رسالة إعلانية

اليمن اليوم-

«إياكش تولع» رسالة إعلانية

بقلم - أمينة خيري

بينما نحن نئن ونشكو مما آلت إليه أخلاقنا، ومما أصبحت عليه سلوكياتنا من افتقاد للكثير من بديهيات الذوق وأبجديات التربية، ونضرب أخماساً فى أسداس حول سبل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة زرع ما يمكن زرعه، إذ بموجة رمضانية إعلانية تقول لنا بالفم المليان: «نحو مزيد من التدهور».تدهور الذوق العام ظاهرة ليست جديدة، وتكفى نظرة سريعة إلى شكل عماراتنا -بما فيها تلك الأنيقة الفارهة التى يتعدى سعر الشقة السكنية فيها بضعة ملايين- لنرى مظاهر الذوق العجيب. أعمدة يونانية مع مسلات فرعونية ونقوش إسلامية ولا يخلو الأمر من بضعة رسوم من عصر النهضة وما تيسر من أسُود وسباع على المدخل الرخامى، وبجعات وطائر فلامنجو مع بعض اللقلق على الواجهة. وتكون النتيجة مسخاً معمارياً بطعم كريه ولون قبيح ورائحة تنم عن ضياع هوية ومفاخرة بالأموال المجنية حديثاً دون أصول ثقافية أو ميول جمالية.وتوقع أن تنتمى العمارات المبنية فى الشارع الواحد لطراز معمارى متشابه ولا أقول متطابقاً، فهو أمر فيه استحالة. لماذا؟ لأن مالك العمارة حر فيما يملك، وعلى المتضرر أو المعارض أو المطالب بنسق متناغم ضرب رأسه فى أقرب حائط.«أنا ومن بعدى الطوفان».. فكرة المصلحة العامة أو الذوق العام أو مراعاة حقوق الآخرين ورغباتهم وممتلكاتهم ليست شحيحة، بل منعدمة.وانعدام قواعد الذوق العام فى إعلان أو إعلانات تذاع عشرات المرات أثناء ساعات الليل والنهار على شاشات التليفزيون الذى لا يخلو منه بيت مصرى فى ربوع المحروسة أمر مزعج وسخيف. لكنه ينتقل من الإزعاج إلى الخطورة، ويتطور من السخافة إلى الرعونة حين يبث الإعلان سموماً مجتمعية (ولدينا اكتفاء ذاتى منها)، وينشر المزيد من معانى الأنانية والتبلد.ولأن خفة الظل والقدرة على التنكيت أشبه بالتوابل الحريفة التى تنثر على الكبدة الملوثة حتى تتبدد آثار التلوث ولا تشعر إلا برائحة زكية شهية تدغدغ عصافير البطن، فإن «طمأنة» المشاهد الذى هو عميل محتمل بأنه طالما السيارة ليست سيارته، فإن تحطيمها بشومة، أو تهشيمها إنما هى أمور تافهة لا تستحق القلق أو تستوجب الخوف أو حتى تستدعى الانزعاج.حتى الانزعاج الذى قد ينتج لدى البعض -وأنا منهم- جراء مشهد تحطيم سيارة، أو سقوط شخص على سقف سيارة، فإنه يتضاءل ويتقزم ويتبخر أمام الكوميديا المحبوكة بشكل جيد.وبعد تبخر الكوميديا وانقشاع المنتج أو الخدمة المراد تسويقهما فى الإعلان، تبقى الرسالة الاجتماعية والقيمة الأخلاقية باقية عالقة محشورة: طالما الضرر وقع على غير ممتلكاتك، وفى خارج إطار بيتك، وفيما هو لا يتصل اتصالاً مباشراً بمالك، فـ«طز».وكنت قد قرأت تصريحاً قبل سنوات لأستاذنا الدكتور صفوت العالم الأستاذ فى كلية الإعلام جامعة القاهرة يقول فيه إن الشكل العام للإعلانات حالياً يفتقد الأبعاد الجمالية التى تنمى الذوق العام وترفع مستوى الوعى، وهو ما يؤثر سلباً على المتلقى، لا سيما الأطفال وصغار السن. وإذا كان أستاذنا دكتور صفوت العالم يتحدث حينئذ عن الكلمات الفجة والعبارات الجنسية الصريحة والمشاهد المتخمة بالعنف والجنس وغيرها، فماذا عن المحتوى الناعم الذى يقدم لك قيمة الأنانية فى كبسولة، وضرب مبدأ المصلحة العامة فى مقتل؟ وماذا عن تشبع البعض -وهم متخمون أصلاً- بقيم الأنانية والعشوائية والفوضى؟ وماذا عن الإمعان فى رفع شعار «إياكش تولع»؟!وسؤال إلى المجلس الأعلى للإعلام وغيره من الجهات المختصة: هل يمكن ترك الرسائل التى يتم بثها عبر الإعلانات تمر دون تدقيق؟ ولا أتحدث عن رقابة أو فرض هيمنة أو بسط سيطرة. أتحدث عن معايير تُحترم أو تُخترق فى الإعلانات. أتحدث عن قواعد مهنية وأكواد أخلاقية للإعلانات موجودة فى ربوع العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه. الترويج سواء مباشراً أو غير مباشر للعنف أو الفتنة أو التنمر أو التنميط، أو إشاعة الارتباك أو الخلل أو الاضطراب فى المجتمع سواء بالفعل أو القول جميعها أمور تخضع لمعايير حسابية دقيقة.صحيح أن البعض هنا قد يتخوف من إساءة استخدام مثل هذه المعايير لخنق أفكار الإعلانات أو الكبس على أنفاس المعلنين لأغراض سياسية أو اقتصادية أو ما شابه، لكن المعايير شأنها شأن القوانين حين توضع بعناية وتطبق بمهنية ودون مراعاة لـ«ابن مين فى مصر» إلخ وتُنزه عن الميول الشخصية تسعد الجميع وتضمن عملية بدء الخروج من النفق الأخلاقى المظلم الذى نغوص فيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إياكش تولع» رسالة إعلانية «إياكش تولع» رسالة إعلانية



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 05:37 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نيوزيلندا وجهة سياحية مميزة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة

GMT 12:53 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

«طلاء حيوي» يقاوم التآكل والبقع وأشعة الشمس

GMT 07:34 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الافصاح عن بناء أول مزرعة موجية لتوليد الطاقة في بريطانيا

GMT 13:30 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

أفكار جديدة وبيسطة لديكور ركن الصلاة في المنزل

GMT 17:42 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بيكيه يستفز كريستيانو رونالدو ويؤكد أن "البرغوث" من كوكب آخر

GMT 01:00 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد الجمباز في بيروت يعلن جوائز بطولة لبنان للذكور

GMT 08:23 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

المرأة تميل إلى السلوك الودي والاجتماعي عكس الرجال

GMT 03:17 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

حرب شعواء تُضرم بين "سي إن إن" و"فوكس نيوز"

GMT 05:58 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

رشا شربتجي تفصح عن طرق التعذيب في سجون سورية

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen