آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

ميلاد مجيد جدًا

اليمن اليوم-

ميلاد مجيد جدًا

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

لو أمعن الحمقى النظر فى احتفالاتنا المسيحية بالأعياد لعرفوا أن الوطن أبقى ألف مرة مما خضعوا له من غسل أدمغة وطمس أذهان على مدار نصف قرن. ولو أمعن هؤلاء فيما يحدث حولهم فى منطقة قابعة على صفيح سياسى ونفطى وغازى واستعمارى ساخن، لعرفوا أن بنى وطنهم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم وجغرافيتهم أبقى مائة مرة من آخرين يكيلون لهم العداء والكراهية، ولو تمكنوا من رقابهم لأطبقوا عليها. إنها الطقوس نفسها. الكعك هو نفسه، واللحوم والفتة والموائد العامرة بأشهى الأكلات المصرية الأصيلة متطابقة. والتضرع إلى الله واحد، وشكره لا يختلف عليه اثنان. وما عدا ذلك من اختلاف، فهو لا يهدد إلا ضعاف النفوس وأولئك المتزعزع إيمانهم من الأصل. فمن يشعر أن من يختلف عنه فى محتوى عبادته يهدد دينه ويمثل خطراً على عقيدته لمجرد أنه مختلف، فهو حتماً يعانى ضعف الثقة فى إيمانه. ومن يشعر أن دينه لن يستوى، وإيمانه لن يكتمل إلا بالقضاء على المظاهر الإيمانية المختلفة عنه، وطمس معالم الاختلاف من أمام عينيه فهو أحمق وأرعن ويعانى عقد نقص حقيقية. ومن نقل هذا العوار وأذعن لهذه الخزعبلات دون أن يفكر مرتين فى جدوى ما يفعل أو فى قدرة الخالق عز وجل وإرادته لخلق الناس مختلفين شكلاً وموضوعاً، فعليه أن يراجع إيمانه بحثاً عن درجة أعمق من الإيمان، أو طبيبه النفسى أملاً فى علاج شاف مما يعانى.

مصر عانت الكثير على مدار نصف قرن مضى من التجهيل باسم الدين، والفتنة تحت راية نصرة المتدينين، والعنف والانغلاق والظلام على أنها أدوات المتدين لحماية دينه. وما جرى هو العكس تماماً! فقد تحول الكثيرون مظهرياً، وتدهورت النفوس والسلوكيات والمعاملات كلياً. ومن يدعى أن هذا لا علاقة له بذاك، نقول له بل إن بينهما كل العلاقة.

لقد تم تغييب قطاعات عريضة من المسلمين عن دنياهم عبر أسلحة التفسير المتشدد المحتكر لمنصة شرح القرآن الكريم بتوجهات دنيوية محددة سلفاً، تخدم مصالح سياسية وترسخ مفاهيم تبدو دينية لكن باطنها هيمنة وسيطرة من أجل تحريك الناس على خشبة مسرح الماريونت. وكان لهم ما أرادوا. وتكفى نظرة واحدة على مصر اليوم، ومصر قبل 50 و60 و70 عاماً مضت من حيث الأخلاق والسلوكيات والنظافة وقيمة العمل وتواؤم مكونات الشعب مع بعضها البعض، رغم أن المجتمع المصرى كان أكثر تنوعاً وأثرى اختلافاً. مصريون ومسيحيون ويهود، ويونانيون وإيطاليون وأتراك وغيرهم. هؤلاء اندمجوا فى نسيج واحد دون أن يفقد كل منهم هويته، ودون أن يتعرض أحدهم لتهديد «الأغلبية». لماذا؟ لأن الأغلبية وقتها كانت أعمق إيماناً وأكثر ثقة فى نفسها، لذا لم تشعر بالتهديد من الاختلاف.

واليوم، وفى محبة الاختلاف الجميل الذى يزيدنا ثراء وجمالاً، كل عام ونحن بخير وتنوير وأكثر قدرة على إزالة «الجلخ» الرابض على العقول.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميلاد مجيد جدًا ميلاد مجيد جدًا



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 17:17 2020 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 22:38 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

سعر مذهل لتذاكر مباراة ليستر سيتي الأخيرة للدوري

GMT 01:01 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميريام فارس ترجع إلى متابعيها بعد إصابة قدمها اليمنى

GMT 21:19 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

أطعمة الزنك تخلصكِ من البرد الملازم للشتاء

GMT 00:50 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

حسين فهمي يؤكّد تأثره بمرض الفنان فاروق الفيشاوي

GMT 06:37 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

7 مطاعم توفر لك وجبة شهية بأقل تكلفة في البندقية

GMT 06:53 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

تقييــم رؤســاء الجامعــات؟!

GMT 22:16 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

مطعم أنيق للتنفيس عن الغضب في الفلبين
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon