آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

الطفيل ورائحة الفقر المزمنة

اليمن اليوم-

الطفيل ورائحة الفقر المزمنة

خالد منتصر
بقلم - خالد منتصر

شاهدت الفيلم الكورى «طفيلى» الحائز على أوسكار أفضل فيلم، كوميديا سوداء عن أنياب الرأسمالية حين تخترق لحم وأحشاء الفقراء وتشوه المجتمع بكل أطيافه لا تستثنى أحداً حتى الأثرياء، يبدأ الفيلم بقبو أو بالأصح مسكن كالقبو لا يرى الشارع إلا من خلال نافذة علوية تطل دائماً على السكارى وهم يتبولون، وينتهى بقبو فى قصر اختبأ فيه من قبل فقير هارب من الديون، ويختبئ فيه الآن فقير آخر هارب من ملاحقة الشرطة على جريمة قتل قد اقترفها، الفقر يورث التحايل على الحياة، العائلة الفقيرة لديها ذكاء فطرى يجعلها تتآلف مع تلك الحياة القاسية الضنينة البخيلة، كما تتآلف الحرباء مع أوراق الشجر ورمال الصحراء، سقف أحلامهم سرقة إشارة الواى فاى من الجيران، تبدأ خيوط السلسلة الجهنمية بالابن الذى يرشحه صديق لتعليم ابنة عائلة ثرية اللغة الإنجليزية، وتبدأ حلقات الخداع بتفاصيل ذكية لتوظيف كل العائلة، الأخت مُدرسة رسم للطفل الصغير، الأب سائق لرب العائلة، الأم مديرة المنزل، ذكاء الفقر الفطرى ينتصر على سذاجة أصحاب الحظوة من الأثرياء، العائلتان يضمهما عالم واحد، لكن الأولى لا ترى الشمس والثانية حديقتها بلا سقف يغمرها ضوء الشمس، الأولى تغرقها الأمطار الممتزجة بالصرف الصحى، والثانية تغسل الأمطار أشجار حديقتها وسقف قصرها، العائلة الفقيرة تستطيع أن تتخلص من كل مظاهر فقرها أمام العائلة الثرية، تتخلص من الملابس الرثة واللغة الخشنة، لكنها لم تستطع أن تتخلص من رائحة الفقر المزمنة التى لا تخطئها أنوف المليارديرات، يأتى الانقلاب حين يطمع الفقراء فى اختلاس لحظات نشوة فى القصر أثناء إجازة العائلة الغنية، لينكشف الستار عن قبو فى هذا القصر الذى صممه مهندس معمارى عبقرى ليسكن فيه قبل أن يبيعه، هذا القبو يختبئ فيه ضحية فقيرة أخرى وهو زوج مديرة المنزل السابقة، يتعرى الفقراء أمام بعضهم البعض ويحدث صراع شرس للاستحواذ على هذا الفتات الذى يسمح لهم بمجرد العيشة، وتأتى النهاية فى حفل القصر الذى كانت خاتمته مجزرة بشرية لا تستطيع وأنت تتابع إيقاعها الدموى إلا أن ترتعش من مصير هذا العالم إذا استمرت فيه تلك الفجوات المرعبة بين الأغنياء والفقراء، بين المنعمين والمعدمين، كانت مشاهد غرق القبو الذى تسكنه العائلة الفقيرة من أكثر المشاهد تعبيراً عن هذا الضياع الإنسانى فى مجتمع رأسمالى لا يرحم، هؤلاء الفقراء الذين يعتبرهم المجتمع طفيليات تمتص دمه النقى الأزرق وتلوث ياقته البيضاء، تساءل الابن وهو يطل على مشهد الحفل الفخم فى القصر المنيف: هل أنا أنتمى إلى هذا العالم؟، حلمه كان أن يستلقى على خضرة الحديقة ويستقبل الضوء بلا حواجز، انتهى الحلم بالدم وبالسكين، لكن رائحة الفقر لم تنته بعد، لم يتخلص من رائحة القبو التى تثبتها الرطوبة اللزجة بصمغ الحاجة والعوز.

الفيلم صرخة مكتوبة على شريط سينما بلغة عذبة وبسيطة وصورة مستفزة صادمة، فيلم ينتصر للإنسانية ويحذر: أنقذوا الإنسان قبل أن يتوحش.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطفيل ورائحة الفقر المزمنة الطفيل ورائحة الفقر المزمنة



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 13:37 2017 السبت ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طيار يخطب فتاة على متن رحلة الخطوط الملكية الأردنية

GMT 05:15 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جنيفر لورانس مثيرة في فستان بتوقيع ألكسندر ماكوين

GMT 01:57 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الدكتور مجدي بدران يكشف سبب إصابة الأطفال بـ "الربو"

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 06:42 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

عرض أضخم خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 05:00 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل جديدة عن دور غادة عبد الرازق في "الكارما"

GMT 21:51 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبطال "مسرح مصر" في "آثار جانبية" الجمعة على "إم بي سي مصر"

GMT 23:04 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تحرير الشام تستعيد قرى من النظام في ريف حلب
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen