آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

ملاحقة التطّرف قبل الإرهاب

اليمن اليوم-

ملاحقة التطّرف قبل الإرهاب

بقلم :عبد الرحمن الراشد


من السذاجة اتهام الكّتاب والمعلقين بأنهم يشاركون في نشر حكايات محلية عن التطّرف الإسلامي خارج الحدود٬ ويعينون على التحريض على دينهم وأهلهم وبلدهم! الذي لا يدركه هؤلاء أن كل ما يكتب ويقال دائًما قابل وجاهز للترجمة المجانية٬ وأن العالم لا يحتاج إلى مترجمين محليين٬ ولا إلى كّتاب٬ ولا إلى محرضين لمعرفة ما يحدث٬ فوسائل الجمع والعرض والرصد والتحليل البشرية والإلكترونية٬ والمراكز المتخصصة أكبر مما تستطيع عقولهم تخيله.

والأمر الأهم من هذا كله٬ أن الحقيقة صارت واضحة للجميع٬ فما يفكر فيه المتطرفون يفعله الإرهابيون.

تنظيم القاعدة٬ في زمن سطوته٬ سبق أن أصدر كما كبيًرا من أدبيات العنف ومانفيست الحكم كما يريده٬ وقام منظروه بتأصيل العنف وفق رؤيتهم. والأجهزة المختصة٬ سواء كانت أكاديمية أو أمنية٬ لم تعد في حاجة إلى القراءة بين السطور٬ أو ترجمة المحادثات الهاتفية باللهجات العامية لفك شفرة تفكير المتطرفين٬ هي في حاجة لمعرفة الأهداف التالية٬ أما الفكر فهو نفسه مهما تباعدت المسافات وتغيرت أسماء التنظيمات.

في البدايات٬ عند ظهور «القاعدة» كان هناك جدل حول دوافع الإرهاب٬ وتساؤلات هل هذا الفكر المتطرف أو ذاك٬ اسمه٬ ولونه٬ ومصدره٬ أيهم وراء الإرهاب الذي يزداد دموية؟ أما اليوم فيوجد كم هائل من الروابط تدل على التطّرف كمصدر للعنف٬ ولم تعد مجرد نظرية أو استنتاج من باحث جاهل باللغة والدين. والتبسيط لا ينفي التعقيد. هل هناك من ينشر الفكر المتطرف لأغراضه السياسية؟ بالتأكيد٬ وعلى رأسها الجماعات السياسية التي تستخدم المتطرفين ليقفوا في الصف الأول ضد خصومها المحليين أو عبر الحدود٬ كما نرى في سيناء وسوريا.

هل هناك من يستخدم التنظيمات المتطرفة لغاياته؟ أيًضا٬ نعم. فإيران خير نموذج٬ نظام استطاع استخدامها لثلاثين عاًما٬ في لبنان٬ والعراق٬ وفلسطين٬ والآن في اليمن. والذي لا يفهمه بعض حملة الفكر المتطرف والمدافعون عنهم٬ أنهم شركاء لجماعات العنف السياسي مثل «داعش» و«القاعدة»٬ لأنهم يتفقون معهم في مبادئ كثيرة وإن امتنعوا عن تأييد مشاريعهم السياسية. كما أن الذين ينشرون التطّرف٬ في هذا المناخ السياسي المحتقن عالمًيا٬ هم مطايا لنظام طهران. المتطرفون هم أهم خادم لإيران اليوم٬ لأنهم يضعون بلدانهم في مرمى مدافع العالم. الخصم يركز في هجومه على السعودية مثلاً بأنها منبع الفكر المتطرف٬ مستدلاً بأفعالهم! ولا ننس أن إيران من قامت بصياغة الخطاب السياسي المنتشر اليوم بين الإسلاميين٬ عن الاستكبار العالمي ومحاربته دينًيا وسياسيا.

وبغض النظر عن الاستغلال السياسي المألوف عادة في عالم الحروب٬ فإن الخطر الجديد هو مضاعفات انتشار التطّرف على العالم الذي صار يهددنا٬ ويهدد مجتمعات المسلمين في الغرب. أفعال المتطرفين التي تترجمها أفعال الإرهابيين٬ أصبحت الخطر الأول على العلاقات والحكومات والشعوب الإسلامية!

ومن دون الاعتراف بوجود وانتشار التطّرف سيزداد الوضع سوًءا٬ وسنجد أنفسنا في صدام مع الآخر المتضرر والغاضب. وهنا يجتهد منظرو التطّرف٬ نتيجة تزايد الضغوط واللوم عليهم٬ بسرد مرافعات تبريرية٬ هدفهم منها وضع دينهم وحكوماتهم في الواجهة٬ بهدف الاحتماء بها٬ أو توريطها في مواجهات هي من صنعهم أصلاً٬ ولا علاقة لها بعموم المسلمين٬ الذين يدفعون الثمن حيثما تقع هناك مواجهات٬ من لاهور والرقة إلى بروكسل.

لقد استنفد المتطرفون مبرراتهم القديمة التي ساندوا بها الإرهابيين٬ بدأوها بحجج القواعد الأميركية في السعودية٬ ثم استخدموا أفغانستان دفاًعا عن «مسلمي» «القاعدة» و«طالبان»٬ والحديث عن الحقوق٬ ثم دفاًعا عن عراق صدام رغم بعثيته. وبعد خروج الأميركيين من العراق٬ لجأوا إلى طروحات تقول بمظلومية المسلمين في الغرب٬ مع تجاهل إرهابهم ضد أهلهم المسلمين في سوريا واليمن والسعودية والمغرب!

نشوء التطّرف الديني وصعوده لا علاقة له بالعدالة الاجتماعية٬ ولا المظلومية السياسية بل يمثل مشروًعا آيديولوجًيا يهدف إلى السيطرة٬ وإلغاء الغير. ولهذا السبب عندما يرتكب تنظيم جريمة بفكر هذه الجماعات المتطرفة عليها أن تدفع الثمن معه٬ ولا ينتظر من بقية المسلمين الدفاع عنها٬ أو التستر عليها. علينا أن نباعد بين المتطرفين وبيننا٬ وبينهم وبين بقية المسلمين٬ وبينهم وبين الإسلام. وكذلك أن نرفض دعواهم بأن الغرب يعادي الإسلام٬ أو السنة٬ أو السعوديين٬ الحقيقة أنه يعاديهم٬ ويعنيهم باللوم والتحذير٬ مهما كانت المصطلحات المستخدمة.

وبسبب ارتفاع وتيرة الإرهاب في العالم أصبح المتطرفون أكثر خطًرا من الإرهابيين. فـ«داعش» تدافع عن نفسها وتضحي بمقاتليها٬ أما المتطرفون فإنهم يريدون انتحاًرا جماعًيا٬ والتضحية بالجميع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاحقة التطّرف قبل الإرهاب ملاحقة التطّرف قبل الإرهاب



GMT 12:12 2020 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

لو عادت المفاوضات

GMT 07:42 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

هل نظام المرشد في مهب الريح؟

GMT 05:44 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

2020... طريق النهضة وطريق الهاوية

GMT 10:36 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

هل ستحارب تركيا في ليبيا؟

GMT 00:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

نَفَسٌ تحرري في الثورات
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 02:42 2017 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

أشرف بنشرقي يتطلع للحصول على دوري أبطال أفريقيا

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 13:21 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال 21 شخصًا في أعمال شغب بسبب نزاع في ماليزيا

GMT 17:58 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير منقوشة الزعتر بالخضار

GMT 19:04 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفضل تصفيفات وتسريحات الشعر الكيرلي

GMT 10:39 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"من فيسبوك" تغضب مستخدمي "واتسآب" وتدفعهم إلى حذف التطبيق
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen