آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

ترامب يفوز بـ«لاءاته» الخمس

اليمن اليوم-

ترامب يفوز بـ«لاءاته» الخمس

بقلم : أمير طاهري

حسنً وفي أي دولة ديمقراطية تعتبر الانتخابات العامة صورة «ذاتية» عن الأمة٬ تلك التي تعكس مزاجها العام في لحظة معينة من اللحظات. وهذه الصورة الذاتية الأميركية ليست استثناء من ذلك.

ولكن ما الذي تظهره هذه الصورة؟إنها تظهر الولايات المتحدة التي تشير بأصابع الانتصار نحو الوضع القائم مع «لاءاته» الخمس. و«لا» الأولى موجهة نحو باراك أوباما٬ المسوق الأول لشعار «أجل نستطيع!» الجيد للغاية الذي تحول بمرور الوقت إلى شعار «كلا لا نستطيع!». وبالنسبة لكثير من المواطنين الأميركيين٬ فإن رئاسة هيلاري كلينتون للبلاد كانت سوف تعتبر بمثابة فترة الولاية الثالثة لباراك أوباما٬ الأمر الذي دفع بشاغل المنصب الرئاسي نفسه إلى الاندفاع بكامل قوته لدعم المرشحة الديمقراطية وتأييدها.

وكان ذلك أمًرا غير مقبول على الإطلاق لدى كثير من الأميركيين.

تمكن ترامب من تصوير نفسه بأنه المرشح المثالي المناوئ لباراك أوباما٬ وهو الأمر الذي لم يكن أي مرشح من المرشحين الجمهوريين الخمسة عشر مستعدين لفعله. لا يحب المواطنون الأميركيون السماح لحزب واحد باحتلال السلطة في البلاد لثلاث فترات رئاسية متعاقبة٬ وهو الأمر الذي لم يحدث من قبل إلا مرة واحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

و«لا» الثانية البادية من هذه الصورة هي للمؤسسة.

ليس هناك تعريف محدد لهذا المصطلح٬ لكن أغلب الناس يعبرون عنه بالأقلية٬ التي لا تتجاوز بضعة ملايين في الولايات المتحدة٬ من الذين يسيطرون على المجالات السياسية٬ والإعلامية٬ والتجارية٬ والأكاديمية٬ والترفيهية في الولايات المتحدة ويديرون شؤونها في المقام الأول لمصالحهم الخاصة.

والسيدة كلينتون٬ وهي السيدة التي انخرطت في العمل السياسي منذ أن أنهت دراستها الجامعية قبل أربعين عا ًما٬ وبعد خدمتها في الحملة الانتخابية الرئاسية للمرشح ماكغفرن في عام ٬1972 ثم في منصب السيدة الأولى لولاية أركنسو قبل الانتقال إلى البيت الأبيض برفقة زوجها٬ ولا ننسى شغلها منصب السيناتور ووزيرة الخارجية للولايات المتحدة٬ هي رمز بارز من رموز المؤسسة السياسية الأميركية.

ولقد تعزز الانطباع بأن السيدة كلينتون حاملة لواء المؤسسة بالدعم الذي حصلت عليه من كبار أعضاء الحزب الجمهوري مثل الرئيس السابق جورج دبليو بوش والمرشح الجمهوري الأسبق لرئاسة البلاد ميت رومني.

ساعدت كل هذه العناصر دونالد ترامب نفسه على تعزيز صورته مرش ًحا رئاسًيا مناه ًضا للمؤسسة الأميركية٬ ووصف بأنه «الغريب» الذي يحاول اقتحام القلعة. و«لا» الثالثة كانت موجهة نحو المسار الحالي للعولمة٬ وهي الآيديولوجيا السائدة لدى الديمقراطيات الغربية منذ عقد التسعينات.

في البداية٬ حملت العولمة كثي ًرا من الثمار الطيبة للولايات المتحدة وغيرها من القوى الصناعية الكبرى حول العالم من خلال مضاعفة التجارة العالمية ثلاثة أضعاف خلال عقدين من الزمن. ورغم ذلك٬ وفي حين أن العولمة خلقت جيلاً من الأميركيين الجدد٬ أناس كأمثال بيل غيتس٬ الأغنى من كرويسوس ذاته٬ فإنها أي ًضا أزاحت كثي ًرا من فرص العمل ذات الرواتب الجيدة في الصناعات التقليدية داخل الولايات المتحدة. في واقع الأمر٬ ظلت القوة الشرائية لنحو 50 في المائة من العمال الأميركيين ثابتة أو انخفضت منذ عام 1999.

تمكن ترامب من اللعب بورقة مناهضة العولمة من خلال ربطها بقضية الهجرة التي٬ رغم توفيرها تدفقات لا نهاية لها من العمالة الرخيصة٬ قد ساعدت على ثبات الأجور أو انخفاضها في أجزاء كثيرة من الولايات المتحدة.

و«لا» الرابعة موجهة نحو الانقسام الآيديولوجي في السياسة الأميركية الذي بدأ في عقد الخمسينات. وفي هذا الانقسام٬ كان من المفترض للحزب الديمقراطي في بداية الأمر أن يكون حزب الخدمات العامة٬ والتأكيد على الدور الإرشادي للحكومة٬ إن لم يكن الدور القيادي في واقع الأمر٬ حيال الاقتصاد٬ من خلال التقاليد التي أرساها الرئيس الراحل روزفلت في «الصفقة الجديدة» ونموذجها الكينزي المعروف. من جانبه٬ كان الحزب الجمهوري مصو ًرا بوصفه حامل لواء الرأسمالية الليبرالية الجديدة مع التأكيد على التجارة الحرة والأسواق المفتوحة٬ وهو النمط الذي أرساه الرئيس رونالد ريغان.

لكن انتخابات الأسبوع الحالي٬ رغم كل شيء٬ عكست أدوار كلا الحزبين الكبيرين بقدر اهتمام الآيديولوجيا بالأمر٬ حيث اعتبر الحزب الديمقراطي أعضاءه زعماء الأسواق المفتوحة والتجارة الحرة. وبعد كل شيء٬ كان الرئيس بيل كلينتون هو من ابتكر اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية٬ وكان الرئيس أوباما هو الذي أطلق خطة مشابهة مع الاتحاد الأوروبي تلك التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد.

ولقد كشفت الحملة عن علاقات هيلاري كلينتون الوثيقة مع وول ستريت٬ وكثير من المصرفيين٬ ناهيكم بكبار المضاربين في العملات أمثال جورج سوروس٬ وهم الممولون الرئيسيون لحملتها الانتخابية.

على النقيض من ذلك٬ نحى ترامب جانًبا موقف الحزب الجمهوري الموالي للرأسمالية ومتعهًدا بتنظيم الأسواق٬ وفرض الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة لحماية فرص العمل الأميركية٬ وتعزيز سياسة «أميركا أولاً» في سوق العمل الداخلي.

و«لا» الخامسة موجهة نحو «ائتلاف قوس قزح» الذي أتى بالرئيس أوباما إلى البيت الأبيض في المقام الأول.

ولقد اعتبره البعض بأنه «قوس الاستياء»٬ من حيث توحيد الأقليات حول مظالمهم الخاصة حيال المعاناة الحقيقية أو المتصورة التي كابدوها من قبل الأغلبية. ومن خلال جمع الأميركيين السود٬ واللاتينيين٬ واليهود٬ والعرب٬ والمسلمين٬ والأميركيين الأصليين٬ ومجتمعات المثليين٬ تمكن أوباما من تأمين قاعدة انتخابية شكلت نحو 32 في المائة من الناخبين٬ وهي ميزة هائلة في مرحلة ما بعد النظام. وكان أمل السيدة كلينتون معقوًدا على القاعدة الانتخابية نفسها للوصول من خلالها إلى البيت الأبيض٬ من خلال إضافة 18 إلى 20 في المائة من نسبة الأغلبية المتمثلة في 68 في المائة المتبقية في اللعبة الانتخابية. لكن هذا لم يحدث.

وربما أن «قوس الاستياء» قد بدأ في التفكك والانحلال. صوتت نسبة قليلة من السود للسيدة كلينتون بأقل مما فعلوا مع أوباما. وصوت كثير من اللاتينيين لصالح ترامب بأكثر مما كان متوقًعا٬ وهو الرجل الذي تعهد ببناء الجدار

العازل على الحدود المكسيكية. وليست لدينا معلومات مفصلة حول الانتخابات الأميركية حال كتابة هذه السطور٬ ولكن يبدو أنه حتى اليهود والمسلمون كانوا أقل تصويتً لصالح السيدة كلينتون مما كان منتظ ًرا.

ومع تفرق «قوس الاستياء»٬ فإن المواطنين الأميركيين قد رفضوا استراتيجية الرئيس أوباما لحشد الأقليات ضد الأغلبية٬ وبالتالي تقويض الوحدة الوطنية الأميركية. ولذلك كله٬ فإن الانتخابات التي سلطت الضوء على الـ«لاءات» الخمس٬ من أجل رفض سياسات المؤسسة الحالية٬ لم تفلح في الخروج بـ«نعم» مدوية إزاء أي استراتيجية بديلة. لقد رفض الشعب الأميركي الانقسام من دون الوحدة الوطنية ذات التأييد الكبير.

إن هذه الانتخابات لم تعمل على تغيير النمط الذي فاز بموجبه عدد قليل من الرجال بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية بنصيب من الأصوات الشعبية بلغ أعلى بكثير
من 50 في المائة.

جرى انتخاب بيل كلينتون مرتين بأقل من 50 في المائة٬ وجورج دبليو بوش فاز بأول ولاية رئاسية بحصة أقل من الأصوات الشعبية عن التي حازها المنافس الديمقراطي آل غور. وفي الواقع٬ فإن الانتصارات المقنعة بحق٬ من حيث نسبة الأصوات٬ كانت في انتخابات ريتشارد نيكسون في عام ٬1972 ورونالد ريغان في عام 1984. والنتيجة النهائية هي أن الشعب الأميركي لا يزال منقسمWا على نفسه٬ لكنه يتلمس سبيل الوحدة على أسس جديدة. وتلك في حد ذاتها من الأنباء السارة رغم كل شيء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يفوز بـ«لاءاته» الخمس ترامب يفوز بـ«لاءاته» الخمس



GMT 16:58 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

كوريا الشمالية تهدد الولايات المتحدة… واليابان

GMT 17:06 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يريد الاحتفاظ بنفط سورية

GMT 06:07 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون

GMT 15:47 2019 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

خريف ديمقراطيات ثلاث
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 05:37 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نيوزيلندا وجهة سياحية مميزة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة

GMT 22:40 2021 السبت ,17 تموز / يوليو

كيف يتعامل كل برج من الأبراج مع الطلاق

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 19:04 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود السرنجاوي يؤكد حاجة "الزهور" لعموميته وأعضاءه حاليًا

GMT 15:02 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

الجيش يسقط طائرة حوثية مسيرة في محافظة حجة

GMT 05:44 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

النجمة سيرين عبد النور تتحدث عن جنس مولودها الذي تنتظره

GMT 12:55 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أنطوان غريزمان يؤكد شغفه في متابعة كرة السلة الأميركية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen