آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

من ميتران.. إلى بوش الابن وترامب

اليمن اليوم-

من ميتران إلى بوش الابن وترامب

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

من الصعب تصوّر منطقة مستقرّة في غياب عراق مستقرّ. من الصعب أيضا تصوّر منطقة مستقرّة في غياب سوريا مستقرّة. لن يستقرّ العراق قريبا، ولن تستقرّ سوريا قبل معالجة النتائج التي ترتبت على سقوط العراق في يد إيران في العام 2003. هل مثل هذه المعالجة ممكنة أم أنّ أوانها قد فات؟ يطرح هذا السؤال نفسه في ضوء التدمير الممنهج الذي تعرّض له العراق، لأسباب أميركية، والذي تعرّضت له سوريا لأسباب مختلفة يعود معظمها إلى رفض النظام القائم، وهو نظام أقلّوي ليس لديه ما يقدّمه للمواطن السوري من إصلاحات مطلوبة، التخلي عن شعار “الأسد أو نحرق البلد”. لم يكن لدى هذا النظام، وليس لديه حاليا، ما يقدّمه للسوريين غير القمع والذلّ والبؤس والبراميل المتفجّرة… والشعارات الفارغة عن “المقاومة والممانعة”.

هناك خلل أساسي حصل على الصعيد الإقليمي، بسبب العراق. بات من الصعب إصلاح هذا الخلل. كم يجب أن نتذكّر في مثل هذه الأيّام كلام الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران ردا على المعترضين على تأجير العراق خمس طائرات “سوبر ايتندار” لم تكن البحرية الفرنسية تمتلك غيرها، وتزويده صواريخ “اكزوسيت” التي تُستخدم في ضرب القطع البحرية. كان ذلك في العام 1983.

كانت إيران، المصرّة على متابعة الحرب مع العراق، بدأت تستعيد المبادرة عسكريا، فيما القوات العراقية تتراجع على كلّ الجبهات. كانت هناك حاجة إلى ما يوقف التقدّم الإيراني وذلك عن طريق وقف الصادرات النفطية الإيرانية إلى أبعد حدود.

كانت هناك حاجة إلى دعم العراق عسكريا وتمكينه من الصمود في وجه التقدّم الإيراني. أدّت الطائرات الفرنسية وصواريخ “اكزوسيت” الغرض المطلوب، ولعبت دورا في إنهاء الحرب بالطريقة التي انتهت بها، أي بشبه انتصار عراقي وذلك بعد ثماني سنوات من القتال ومن استنزاف موارد العراق وإيران ودول الخليج.

وقتذاك، سُئلَ ميتران عن الأسباب التي دفعت فرنسا إلى القيام بما قامت به، أي إلى تأجير طائرات ليس لديها بديل عنها، إلى دولة أخرى في الزمن الحرب؟ أجاب الرئيس الفرنسي، الذي لم يكن يكنّ ودّا لصدّام حسين، كون صدّام دعم منافسه جاك شيراك في انتخابات الرئاسة الفرنسية، بما معناه: أن المسألة تتجاوز العلاقات الشخصية مع الرئيس العراقي. أهم ما قاله أنّ الحدود القائمة بين العراق وإيران ليست مجرّد حدود بين دولتين، بل هي “حدود بين حضارتين كبيرتين، هما الحضارة الفارسية والحضارة العربية”. شدّد على أن هذه الحدود التي عمرها مئات السنين يجب أن تبقى على ما هي عليه، لأن اختراقها يعني اختلال التوازن الإقليمي كلّه. هناك توازن قديم بين العرب والفرس، وهناك أيضا توازن قائم على النظام الإقليمي الذي وُلدَ من رحم انهيار الدولة العثمانية في عشرينات القرن الماضي.

على الرغم من أنّ هناك جدلا طويلا في شأن من الذي بدأ الحرب في العام 1980، العراق أم إيران، إلا أن ميتران فضّل الذهاب إلى البعد الخطير الذي سيترتب على دخول إيران إلى العراق.

امتلك ميتران فكرا استراتيجيا جعله يتصدّى لمعمّر القذافي عندما أقْدمَ على مغامرته التشادية. كان يدرك أنّه ليس مسموحا لدول دكتاتورية مثل جماهيرية القذّافي الذهاب إلى أبعد من حدودها ونشرها الفوضى في بلد فقير مثل تشاد يمتلك ثروات كبيرة من المعادن.

في المقابل، أقدمت الولايات المتّحدة في العام 2003 على ما لا يمكن أن تُقْدم عليه دولة تمتلك ولو القليل من الخبرة في ما يخصّ العلاقات الدولية. أقدمت على احتلال العراق وتسليمه إلى إيران. ليس معروفا بعد ما الذي دفعها إلى ذلك، وإلى توفير دفع جديد للمشروع التوسّعي الإيراني الذي أوقفته الحرب العراقية-الإيرانية بين 1980 و1988.

لا يزال السبب الذي دفع جورج بوش الابن على شن الحرب في العراق لغزا. كلّ ما توفّر أن بول وولفويتز، نائب وزير الدفاع الأميركي في حينه، كان أوّل من أثار الموضوع في اجتماع لكبار المسؤولين الأميركيين مباشرة بعد أحداث الحادي العشر من أيلول-سبتمبر 2001. عقد ذلك الاجتماع في كامب ديفيد وبحث فيه في كيفية الردّ على ما ارتكبه تنظيم “القاعدة” الذي كان يتزعمّه أسامة بن لادن الذي اتخذ من أفغانستان ملجأ له.

تفرّد وولفويتز بطرح موضوع غزو العراق، فتصدّى له وزير الخارجية كولن باول، استنادا إلى محاضر الاجتماع الذي نشرته مجلّة “فانيتي فير”، مؤكدا أن لا علاقة لصدّام حسين بـ“القاعدة” وبأسامة بن لادن. وعند انتهاء الاجتماع سُئلَ نائب وزير الدفاع الأميركي عن سبب طرحه موضوع العراق، فأجاب “زرعتُ البذور”، أي بذور حرب العام 2003.

لم يتغيّر شيء إلى الآن، لا تزال الولايات المتحدة تطرح أفكارا لا بعد إستراتيجيا لها من نوع ترك أتراك سوريا لمصيرهم في وقت تستعد تركيا لإقامة حزام أمني في الشمال السوري. لم يتردد الرئيس دونالد ترامب في تبريره لوقف الحماية الأميركية للأكراد في القول عبر تغريدة “قاتل الأكراد إلى جانبنا، لكننا دفعنا لهم أموالا طائلة وزودناهم بمعدات كي يفعلوا ذلك. إنهم يقاتلون تركيا منذ عقود. أوقفت هذا القتال لثلاث سنوات تقريبا، لكنه آن أوان أن نترك هذه الحروب السخيفة التي لا نهاية لها وكثير منها حروب قبلية وإعادة جنودنا إلى بلدهم. سنحارب حيث نجد لنا مصلحة. سنحارب من أجل أن ننتصر. على تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد معالجة الوضع وإيجاد مخرج لما يريدون عمله بمقاتلي الدولة الإسلامية الذين أسروا في جوارهم”.

في ضوء هذه التغريدة، يمكن التساؤل فعلا هل لدى إدارة دونالد ترامب سياسة شرق أوسطية… أم أنها تريد معالجة فوضى العراق وسوريا بمزيد من الفوضى، بل تريد عمل أيّ شيء تفاديا للبحث في الأساس. الأساس ما الذي يمكن عمله في العراق الذي يشهد حاليا أحداثا في غاية الخطورة بعدما انتفض العراقيون في وجه الاحتلال الإيراني والطبقة السياسية الفاسدة التي تمثّله والتي يحتمي بها ويستخدمها عطاء لممارساته.

بين الفكر العميق لفرنسوا ميتران من جهة، وفكر كلّ من جورج بوش الابن ودونالد ترامب من جهة أخرى، ليس ما يشير إلى رغبة في التعاطي الأميركي الجدّي مع مشاكل الشرق الأوسط والخليج وأزماتهما. لم يعد هناك في واشنطن من يفكّر سوى بالفوضى وكيفية نشر الفوضى. لم يعد مسؤول أميركي يتجرأ على طرح سؤال من نوع ما الذي جنيناه من حرب العراق أو من مهادنة إيران في سوريا وترك نظام سوري يتابع حربه على شعبه بكل وسائل القتل المتاحة وغير المتاحة في ظلّ تصفيق روسي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من ميتران إلى بوش الابن وترامب من ميتران إلى بوش الابن وترامب



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 13:37 2017 السبت ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طيار يخطب فتاة على متن رحلة الخطوط الملكية الأردنية

GMT 05:15 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جنيفر لورانس مثيرة في فستان بتوقيع ألكسندر ماكوين

GMT 01:57 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الدكتور مجدي بدران يكشف سبب إصابة الأطفال بـ "الربو"

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 06:42 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

عرض أضخم خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 05:00 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل جديدة عن دور غادة عبد الرازق في "الكارما"

GMT 21:51 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبطال "مسرح مصر" في "آثار جانبية" الجمعة على "إم بي سي مصر"

GMT 23:04 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تحرير الشام تستعيد قرى من النظام في ريف حلب

GMT 05:46 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عشاق جوان ديدون يتوجونها على عرش الموضة رغم السن

GMT 04:07 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

"مرسيدس" تتحدى كل منافسيها بسيارتها الكابورليه

GMT 09:40 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فندق فارالدا كرين- أمستردام من أميز وأغرب فنادق أوروبا
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen