آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

سباتاً ومعاشاً !

اليمن اليوم-

سباتاً ومعاشاً

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

لو كان العنوان: بين روسيا الخروتشوفية وروسيا البوتينية، لخطر في بالكم ما ليس في بالي، وهو مسألة نوم ثلث يوم، وعمل أربعة أيام في الأسبوع.
طرائف خروتشوف كثيرة، لكن ما ليس طريفاً فيها هو إعلانه أن «العلماء السوفيات» وجدوا علاجاً يقهر حاجة النوم، فيعمل عمال بلاد شعارها: «يا عمال العالم اتحدوا» على مدار ساعات اليوم، لبناء مجتمع الاشتراكية الماركسية ـ اللينينية!
كان ماركس أو لينين هو من زاوج بين الشيوعية والرأسمالية لبناء المجتمع الاشتراكي، أي بين عقيدة الأولى، وتكنولوجيا الثانية، أمّا العلماء السوفيات  في زمن خروتشوف، فقد اخترعوا (أو كادوا) دواء ما لجعل الجسم البشري آلة تعمل على مدار الساعة، دون حاجة لسبات الليل، ودون حاجة لسبات الدب الشتوي، أيضاً!
هذه واحدة، والثانية، أنني اشتريت، في ستينيات القرن المنصرم من الجناح السوفياتي في «معرض دمشق الدولي» كتاباً للعلماء السوفيات معنوناً: «الإنسان يصلح كوكبه»، وطيّه مشاريع خرافية جنونية لتعديل مناخ الأرض وإصلاح اعوجاجه، ومنه بناء سد على مضيق جبل طارق وإغلاق قناة السويس، ومن ثم فإن مستوى المحيطات سيعلو مستوى البحر المتوسط، بفعل التبخر؛ ومن ثم فإن توليد كهرباء من الفرق بين المستويين سيكون كافياً لتزويد نصف سكان العالم بالكهرباء.. ياه!
تعرفون أن «تيار الخليج ـ غولف ستريم» يجعل اسكندنافيا في العروض الجغرافية العليا دافئة نسبياً في الشتاء، فلماذا لا يمكن حرف تيارات المحيط الهادي الدافئة شمالاً، لجعل سيبيريا الصقيعة ذات صيف دافئ قابل للاستزراع؟
إلغاء قضاء ثلث العمر في السرير هو لعب خطير بالساعة البيولوجية البشرية، أما اللعب الجغرافي ـ الايكولوجي بالمناخ فعاقبته أخطر بكثير، من مشكلة العصر الراهنة، وهي احترار جو الأرض درجة ونصف الدرجة عما كانت عليه في العصر ما قبل الصناعي.
قمة المناخ الأولى في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية كانت خطوة البداية لتقليل الاحتباس الحراري.. ما أمكن!
النوم سلطان كما يقولون، أو هو غسيل الجسد من تعب النهار وأدرانه. «وجعلنا الليل سباتاً وجعلنا النهار معاشاً»، وناس شمال الأرض تضطرب ساعتهم البيولوجية في الشتاء الطويل والبارد؛ وناس الجنوب لهم عادة القيلولة في نهارات الصيف الطويل والقائظ.
اليوم ليل ونهار، وأما الأسبوع فهو من سبعة أيام، وكان لشعوب الأرض يوم راحة وعطلة أسبوعية، وصارت أيام الراحة والعطلة يومين في الأسبوع، لكن في روسيا البوتينية هناك من يقترح الآن أربعة ايام عمل وثلاثة أيام راحة، وفي بعض الدول هناك من يقترح خفض مجمل أيام العمل الأسبوعية حتى 34 ساعة.
انتقل العمل اليدوي إلى الصناعة، وهذه الصناعة إلى الأتمتة الآلية، والآن بدأ عصر الحواسيب والروبوتات. يذكّرني هذا بقصة طريفة في سورية الستينيات، حيث عاد عامل من الولايات المتحدة يعمل في ديترويت إلى قريته، فأخذوه إلى ورشات تصليح وتجليس السيارات «المطعوجة» ليعلمهم صناعتها، فاكتشفوا أن كل ما يعرفه ويجيده هو أن يمسك بأداة ربط ليشد بها البراغي على شريط التجميع، الذي اخترعه الأميركي فورد. الآن، تقوم الحواسيب بصناعة قطع السيارات وتركيبها.. وإلاّ كانت أسعارها باهظة جداً.
ثمة عبارة في بعض الملفات تقول: «عملي يقتلني» وهي مبالغة في القول السائر: «هدّه التعب». لكن في تقليل أيام العمل، وساعاته الأسبوعية أولاً، مما يحرك الاقتصاد في تزجية وقت الفراغ بالقراءة المفيدة، وفي ترويج سياحة الراحة والعطل الأسبوعية المطولة، وخاصة في الإجازات السنوية والسفريات السياحية.. والمطاعم والمتاحف.. إلخ!
فإلى العودة إلى سبات الليل، هناك ضرب من الشعوذة في تفسير الأحلام، الوردية منها والكابوسية، وهناك تفسير فرويدي جنسي غالباً.
الآن، تطورت دراسات المخ البشري ومراحل النوم، حيث يقوم الدماغ بعملية حفظ المعلومات أو حذفها، كما هو الحاسب الآلي، الذي يعمل وفق وظيفة حسب الطلب، لكن الدماغ يقوم بالعمل هذا بشكل لاإرادي: غربلة وتنقية. حذف وحفظ الذاكرة.
ينام الإنسان البالغ 6 ـ 8 ساعات في اليوم، والطفل ينام ساعات أطول يكبر وينمو خلالها، والطاعن في السن ينام 4 ـ 6 ساعات.
النوم نومان؛ الأول، يسمى «نوم الأحلام» وهو من ساعة ونصف الساعة.. الأحلام السعيدة تكثر في سنوات الطفولة، وتقل مع التقدم في العمر، وهناك الأحلام الكابوسية، إمّا لأصحاب الضمائر المثقلة، وإمّا لأسباب فيزيولوجية.
هناك من يغلبه النوم بسهولة؛ وهناك من يغالب النوم ساعات من الأرق المرهق. هناك من تراوده الأحلام كثيراً؛ وهناك من لا يتذكر أحلام نوم الليل.
هناك من يدعي أن قلة الأحلام، أو نسيان الحلم، دليل شخصية سوية متوازنة، وأن كثرة الأحلام الكابوسية لها تفسيراتها. إذا جاءك كابوس واستيقظت على حلم مزعج، لا تحاول النوم مباشرة.. إلاّ بعد أن تشرب جرعة من الماء، وتفرغ مثانتك، وتقرأ شيئاً خفيفاً مسلّياً على ضوء جانبي، وبالطبع أن تتدثّر جيداً في الشتاء، وتتخفف في غطاء النوم صيفاً.
في الأخير، فالنوم نوع من موت عابر، ويقال: إن الموت هو كما قبل الولادة. لا يتذكر الجنين أحلامه في بطن أمه، ولا يتذكر الميت أحلامه في حياته ووقائعها السعيدة أو التعيسة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سباتاً ومعاشاً سباتاً ومعاشاً



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 05:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

نشاطات واعدة تسيطر عليك خلال الشهر

GMT 21:22 2016 السبت ,30 تموز / يوليو

فوائد الكرفس

GMT 17:35 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

حمام " الصالحين " يتمتع بخدمات صحية للمرضى في الجزائر

GMT 01:52 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

سُلاف فواخرجي توضح أسباب انسحابها من "باب الحارة"

GMT 11:09 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوثيون يتوعدون بإطلاق المزيد من الصواريخ نحو السعودية

GMT 01:02 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

رانيا يوسف تعلن عن خطوات أنيقة لاستقبال شهر رمضان

GMT 01:49 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تفصح أنّ الأطفال في سن الرشد يعانون من الاكتئاب

GMT 05:05 2016 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

حوض استحمام على شكل أرجوحة
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen