آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام؟!

اليمن اليوم-

من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام

بقلم - عماد الدين حسين

ينبغى أن نحيى من اختار عنوان المؤتمر الدولى رقم ٢٩ للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وهو: «بناء الشخصية الوطنية، وأثره فى تقدم الدول والحفاظ على هويتها». المؤتمر انعقد يومى السبت والأحد الماضيين، بحضور ١٥٠ مشاركا من ٤٠ دولة منهم ١٣ وزيرا للأوقاف، والأهم هو مناقشة ٥٠ بحثا حول ٧ محاور تدور حول عدم التعارض بين الدين والوطن، وضرورة ترسيخ فكرة دولة المواطنة.

حضرت الجلسة الافتتاحية واستمعت إلى كلمات كثيرة. لفت نظرى فيها قول وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، أن الدفاع عن الوطن مقصد من مقاصد الشريعة، وأن التقديس للذات الإلهية فقط. استمعت ايضا لتحذير وزير الشئون الدينية والدعوة السعودى عبداللطيف آل الشيخ، من الخطر الداهم المتمثل فى إذابة الهوية الوطنية والثقافة وطمس المعالم. ولفت نظرى أكثر مطالبة صالح عباس وكيل الأزهر بتعليم الأبناء فقه المواطنة، الذى يعد أول منهج دستورى وضعه الرسول، حينما ساوى بين المسلم وغير المسلم.

كل ما سبق جيد، لكن وبمناسبة هذه الكلمات الوردية، وبمناسبة ما قاله وكيل الأزهر، فإن السؤال الجوهرى هو: كيف يمكن أولا ضمان أن غالبية الأئمة والدعاة والخطباء مؤمنون حقا بدولة المواطنة؟!. وقد يسأل البعض ولماذا تطرح أصلا هذا السؤال؟!.
الإجابة لأننا لا يمكننا الحديث عن بناء المواطنة فى الإسلام، فى حين أن غالبية الدعاة لا يعرفوها، أو يؤمنون بها.
وقد يسأل آخر: وهل هناك فعلا من بين الأئمة والخطباء ورجال الدين، من لا يؤمن أصلا بالمواطنة؟!.
الإجابة للأسف هى نعم.
جزء كبير من هؤلاء، لا يختلف تفكيرهم كثيرا عن داعش والقاعدة.
هذا الكلام لا أقصد به أنهم لا سمح الله إرهابيون أو متطرفون، ولكن أقصد أنهم درسوا وقرأوا وطالعوا نفس الكتابات والمناهج التى تفتح الباب أحيانا للدعشنة.
نوايا بعضهم سليمة، ويريدون خدمة الإسلام وإعلاء شأنه، لكن المشكلة الحقيقية أنهم غير محصنين كفاية ليواجهوا الدواعش.
لو أن داعشيا أو أى متطرف داخل معهم فى أى جدال دينى، فسوف يكبسهم بالضربة القاضية من أول جولة.
ثم علينا الا ننسى انه حينما قال مرشد الإخوان الراحل «مهدى عاكف» قولته الشهيرة «طظ فى مصر» فى حواره الشهير مع زميلنا سعيد شعيب، لم يكن يعبر فقط عن فكره، أو فكر الجماعة، بل كان يعبر عن تيار واسع تغلغلت فيه أفكار ترى أن المسلم الذى لا أعرفه فى أقصى قرى ماليزيا أو اندونيسيا والصين، أقرب لى من جارى المسيحى. هو فكر خاطئ يخلط بين حق كل شخص أن يؤمن بما يشاء من أفكار ومعتقدات، وبين حقوق الجيرة والمواطنة، وهؤلاء قال عنهم الرسول «لهم ما لنا وعليهم ما علينا» فى اول وثيقة دستورية مكتوبة بالاسلام. الرسول لم يجبر اليهودى أو المسيحى على تغيير دينهم وسمح لهم بالعبادة ولم يحارب اليهود الا بعد ان نقضوا كل العهود.
لكى نقنع الناس العاديين بدولة المواطنة، التى يتساوى فيها الناس جميعا، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم، فلابد أن يكون قادة الرأى مقتنعون بذلك، وفى مقدمة هؤلاء رجال الدين والإعلاميون والمثقفون الذين يؤثرون فى المجتمع. 
وتقديرى ــ الذى أرجو أن يكون خاطئا ــ هو أن عددا لا بأس به من الدعاة، لا يؤمنون بفكرة المواطنة الكاملة. هذه المشكلة لا يتحمل وزرها الأزهر، أو الأوقاف فقط، هى مسئولية الجميع، وتعود لعقود طويلة، حينما اتخذت دولتنا قرارا كارثيا، بمداهنة المذهب الوهابى السلفى فى بدايات السبعينيات من القرن الماضى. من يومها بدأنا نتخلى عن الإسلام الوسطى الجميل فعلا، الذى يركز على الجوهر، لا المظهر. واستيقظنا عامى ٢٠١٢ و٢٠١٣ على أن التيار الدينى بوجوهه المختلفة، سيطر على غالبية مقاعد مجلسى الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية والحكومة، ولولا ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، فربما كنا وصلنا إلى الحالة الإيرانية أو الأفغانية، التى يقرر فيها المرشد الأعلى أو أمير طالبان مصير الدولة بأكملها.
نتمنى أن نرى قريبا ترجمة عملية لتوصيات هذا المؤتمر المهم الذى نظمته وزارة الأوقاف، حتى لا يتم ركنها بجانب ملايين التوصيات الاخرى فى الأدراج المتربة. لانه إذا كان الجميع يؤمن فعلا بالمواطنة فى الإسلام، فمن الذى يمنع تطبيق ذلك على أرض الواقع؟!

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 05:37 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نيوزيلندا وجهة سياحية مميزة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 12:09 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مظاهرات العراق... ثورة ضد التغلغل الإيراني

GMT 19:04 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود السرنجاوي يؤكد حاجة "الزهور" لعموميته وأعضاءه حاليًا

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 01:10 2017 الأحد ,05 شباط / فبراير

إيما ستون تبدو مثيرة في فستان أسود كشف جسدها

GMT 01:03 2018 السبت ,16 حزيران / يونيو

عباس يعزي الكابتن طيار ناهي مناع بوفاة والده

GMT 03:17 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

سعد لمجرد يكشف حقيقة ارتباطه بفنانة مغربية

GMT 01:58 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الأوروبي يقرّر استبدال قضاة بشر بـ "روبوتات ذكية"

GMT 17:07 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

ميلان يسقط أمام سامبدوريا في الدوري الإيطالي

GMT 13:54 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 17:07 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مجموعة خواتم فاخرة لدور المجوهرات العالمية

GMT 05:02 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

وإن فَسَدَ الملح
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen